swiss replica watches
الخطاب الملكي طوق نجاة الشعب المغاربي – سياسي

الخطاب الملكي طوق نجاة الشعب المغاربي

د خالد فتحي
*بروفيسور بكلية الطب بالرباط ودكتور في العلوم السياسية.

بعيدا عن الوقوف عند الدلالة الرمزية التي تكتنف الخطب الملكية في المناسبات الوطنية الكبرى، يمكن القول إن الخطاب الملكى في ذكرى المسيرة الخضراء كان في الحقيقة درسا في المستقبليات السياسية ، واستبصارا استراتيجيا لآفاق المنطقة المغاربية، خطابا يتمنع على أن يكون حبيس الحدود الوطنية حين ظهر واضحا من نبرة صوت العاهل المغربي انه لا يتوجه فقط للمغاربة ،وإنما ينبرى لمخاطبة كل المغاربيين، ومن ورائهم الأمة العربية برمتها.
إن قراءة مابين السطور تظهر أن العاهل المغربي تكلم بلغة الناصح المشفق على مصير الشعوب المغاربية.
فحين يمد اليد لحكام المرادية ،ويؤكد لهم مرة أخرى استعداد المغرب لحوار الإخوة مع الجزائر دون وساطة من أحد من خلال الانفتاح على كل اقتراحاتهم لوضع حل نهائي لقضية الصحراء المغربية في إطار الجهوية المتقدمة ، ويقرن ذلك كله بالدعوة إلى فتح الحدود بين البلدين الجارين الذين تجمعهما أواصر الدم واللغة والدين والمصاهرة وتفرقهما الخلافات المصطنعة ، فإنه في الحقيقة يرمي إلى تنفيس الوضع في الجزائر المأزوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا،و يقوم بإحياء واستعادة الدور الذي لعبه المغرب دائما لصالح الشقيقة الجزائر منذ مرحلة الاستعمار حين كانت بلدنا الملاذ الآمن للمقاومة الجزائرية الباسلة .
إنه يكرر نفس العرض الذي ردده دائما على مسامع حكام الجزائر منذ اعتلائه لسدة الحكم.
تشكل الإشارات التي وردت في خطاب الملك إذن فرصة ذهبية للجزائر وللمغرب للتلاقي من جديد في ظروف أحسن من أجل مستقبل أكثر أمنا ورحابة وتحقيقا لرغبات الشعوب.
فالحدود المفتوحة والفضاء المغاربي الكبير ضمانة حقيقية ضد عدوى ارتدادات الفوضى غير الخلاقة التي تضرب عددا كبيرامن البلاد العربية يرمز الملك بكل ذكاء وشهامة بين ثنايا كلامه .
إن حالة العماه التي تعيشها المنطقة العربية، وتضارب الحسابات الضيقة ، وخطورة الاحتمالات الممكنة الحدوث ، وتكالب الجميع عليها، تجعل من هذه المبادرة في هذا الظرف الدقيق كوة ضوء يجب أن تسير على شعاعها ليس فقط شعوبنا المغاربية بل والعربية ايضا.
إن الاختناق داخل مجالات ترابية ضيقة و الإبقاء على الحدود القطرية التي خطها الاستعمار تزيد من تأزيم الوضع وتعمل على تضاؤل إمكانيات الخلاص الجماعي للشعوب المغاربية. وتقتل ما تبقى فيها من الأمل والتفاؤل .
ولذلك يمكن القول إن العاهل المغربي يدعو بكل بساطة وكل أريحية ودون حسابات مسبقة او ضيقة إلى إبداع حل جذري مفارق لهذا الواقع العنيد.
إن المغرب يحرص على سلامة وحدته الترابية، ولكنه يحرص عليها في إطار مغاربي يلغي الحدود التي هي في كنهها حدود نفسية أكثر منها حدودا جغرافية .
المغرب الكبير الذي يذكر به محمد السادس في خطابه لن يأبه بالحدود، أو يلقي لها بالا بقدر ما سيهتم بتعبئة الطاقات الخلاقة للشعبين الجزائري والمغربي، وعندما يتمازج الشعبان وينصهران من جديد ، فإن مشكلة الصحراء المغربية تتلاشى وتذوب من تلقاء نفسها وتصبح غير ذات موضوع .فأنذاك سيكون المغرب كله وتكون الجزائر كلها لكلا الشعبين.
وهذا ما يجعل الخطاب طوق نجاة يلقيه العاهل المغربي للجميع للقفز على كل المشاكل والأخطار التي تتربص بنا جميعا من قبل هذ العالم الذي لم يعد يرحم الشاردين والمنعزلين و لا يعترف إلا بالمتكتلين.
تكتل المغرب والجزائر سيجعل منهما قاطرة ستجر موريتانيا بعمقها الأفريقي، و معها تونس التي لازالت رغم تضحياتها تغالب الفشل ويغالبها بسبب ضيق المجال وضيق ذات اليد ، و اخيرا ليبيا المنكوبة التي تنتظر من يضمد جراحهاالثخينة التي تقطر دما للليبيين ونفطا للغربيين .
إن حكام المرادية الان أمام مسؤولية تاريخية جسيمة لوضع المنطقة المغاربية في سياق ومسار جديدين يحققان آمال شعوبها في التنمية والرفاه .
فهل يقدرون اليد الممدودة لهم ويردوا التحية بأحسن منها؟ هل يستوعبون دقة المرحلة التاريخية التي ينبههم لها الملك محمد السادس .ذلك ماينتظره منهم بالتأكيد كل أبناء الشعب المغاربي. اذا لا يعقل أن تستمر الجزائر إلى ما لا نهاية تتحمل جريرة تعثر بناء المغرب العربي الذي يمر بالمصالحة التاريخية بين الرباط والجزائر.
واخيرا كيف يكون المغرب في شراكة اقتصادية رابح رابح مع قارته الأفريقية ولا تكون الجزائر وهي على مرمى حجر أول مستفيد من تعزيز هذا التعاون الذي أصبح معلما من معالم السياسة الخارجية للمملكة .أليست هي الأولى والأجدر أن نتوجه لها وتتوجه لنا إفريقيا كما يضمر الخطاب الملكي دون أن يصرح به ؟؟؟.
فهل من مجيب لهذا النداء التاريخي؟؟.
*بروفيسور بكلية الطب بالرباط ودكتور في العلوم السياسية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*