سماسرة الفوضى في زمن الكورونا
إسماعيل علالي
تابع المغاربة كافة ، بأسف شديد الخروج الجماعي لعدد غفير من الأشخاص بعدة مدن مغربية-طنجة و فاس وسلا- وهم يكبرون بشكل جماعي في ضرب سافر لقرار وزارة الداخلية القاضي بإعلان حالة الطوارئ الصحية و الداعي إلى المكوث بالمنازل من أجل الحد من انتشار جائحة كورونا التي تجند الجميع ملكا و حكومة و شعبا لمواجهتها، و الحد من تفشيها و تسخير كل الإمكانيات المادية و المعنوية للتصدي لها.
و في الوقت الذي ثمن المغاربة مبادرات عاهل البلاد، و مساهمات الجميع في الصندوق المحدث لمواجهة جائحة كورونا،و التزام معظم المغاربة ببلاغات المؤسسات الرسمية، و الحرص على المكوث بالمنازل، فاجأتنا شرذمة من الأصوات النشاز ليلة أمس، بطنجة و فاس وسلا، في أفواج غفيرة و هي تردد التكبير، هذا السلوك الذي تبناه بعض الرقاة وتجار الدين في صفحاتهم الفايسبوكية و فرح له سماسرة الأزمات الذين اتخذوا التكبير و دعاء اللطيف -و الدين عامة- مطية لأغراض خسيسة ، و كذا لمخالفة قرار وزارة الداخلية ، و الخروج عن الإجماع الشعبي ، و المقامرة بالوطن و أرواح المواطنين المغاربة الذين عبروا عن روح مواطنة عالية و التحام شعبي مغربي، بدرجة شُبِّه فيها تلاحم المغاربة و العرش في التصدي لهذه الجائحة بثورة الملك و الشعب الثانية ضد عدو فتاك اسمه ” فيروس كورونا”.
من هنا، وجب التساؤل عن غاية الداعين إلى خروج الناس ليلا و تجمهرهم بدعوى التكبير و دعاء اللطيف؟
إن الناظر في حادثة يوم أمس ، يخرج بقناعة مفادها أن هناك من يتربص بالمغاربة في عقر دارهم، و أن شريحة من المغاربة قد باعوا الوطن حين سقطوا في أحضان الأفكار المتطرفة و الرجعية ، و الممارسات الدموية ، التي تقتات من الفكر الظلامي و تنشط في الظلام لأن نور النهار يفضح زيف أطروحاتها.
و المتأمل في حادث الأمس اللاوطني و اللاشعبي، لا محالة يجد أن تجار الدين و سماسرة الأزمات من قبيل ” أبو النعيم” الذي دعا إلى الردة و تكفير الدولة والمغاربة، هم وراء هذا الحدث المأساوي بكل ما تعنيه الكلمة، لأنه لايقل خطورة عن صنيع القتلة من الإرهابيين و الانتحاريين المفلسين قيميا و دينيا و أخلاقيا، الذين يستثمرون في الفوضى ويعتبرونها ساحة لخوض معاركهم و نشر أفكارهم المتطرفة و خيانة الوطن، وهدر أرواح المواطنين.
و على الإجمال ، فإن جائحة كورونا أثبتت بالملموس أن المغاربة جسد واحد في الشدائد، و أن فئة قليلة هي المفلسة قيميا وسياسيا ودينيا و أخلاقيا، تواجه الاتحاد بالتفرقة، و مصلحة البلد بالعصيان و التمرد، و القرارات السيادية بالتكفير، و روح التضامن و التكافل بالتشكيك و التشويش، و نور العلم بالجهل، و الأمن بالفتن ، و قيم المواطنة بالتطرف و التعصب، و الالتحام الشعبي بالعرش العلوي، بالردة و الإرهاب.
و عليه، فإن هذه الشرذمة التي لا تمثل إلا نفسها و من يشاركها الفكر المتطرف في مختلف بقاع العالم، آن الآوان لمحاكمتها شعبيا ، و إدانة سلوكاتها اللاوطينة ، و مطالبة القضاء بمعاقبتها بأقسى العقوبات على أفعالها التدميرية، و مقامرتها بالوطن و سلامة المواطنين. وإسهام ممارساتها في نشر جائحة كورونا التي كان المغرب سباقا في التصدي لها و صار نموذجا يحتذى به في الخطوات الاستباقية التي نهجها.
إسماعيل علالي
المنتدب الإقليمي لحركة قادمون و قادرون مغرب المستقبل على إقليم فاس وتاونات