مزابل قوم عند قوم موائد
فنجان بدون سكر
بقلم عبدالهادي بريويك
في احدى شوارع الرباط المجهولة ..ثلة من الحمقى رمقتهم عيني وهم عرايا ويلتقطون مأونتهم من زبالة البشر وهم يبتسمون ..يتراشقون ..بهمهمون ويأكلون ..لا يصرخون ولا يبكون ..ومن قساوة برد الليل لا يشتكون ..يبتسمون ..ولا علاقة لهم بالطبيب ولا المريض ولا بالغني ولا المهموم ..يعيشون مثل كل الحيوانات الضالة التي لا مسكن لها ولا مأوى ..ومن فضلات الناس يقتاتون ..
حمقى ..يغار من ابتسامتهم الأغنياء وذوي الثروات ..ويغار منهم ناهبي المال العام الذين في فيلاتهم الفاخرة لا ينامون ..يأكلون ويشربون وعلى الأرائك منهمكون ..في انتظار عدالة بين الساكن والمسكون..
هم حمقى ونباشين في زبالة بني آدم ..يلتحفون السماء والهواء ويفترشون أرض الله المحروسة بقطط ضائعة وحمام وطيور ..والمارة من حولهم يتأففون ..
مزابل قوم عند قوم موائد ..
حكاية حمقى الشوارع في زمن كورونا وغير هذا الزمن في صلب قلب عاطفة عابرة ..عبور سيارة أجرة حيث سائقها إعتاد على مثل هذه المظاهر ..في قلب مجتمع مجنون …
تأوهت آهات ..لا يعلم حزنها الإ رب حنون ..وقلت في قرارة نفسي ماذا لو؟
توقف السؤال في الحنجرة مثلما تتوقف غصة في الحلقوم ..وتهت في الطريق الطويل وأنوار العاصمة كأنها بين الشك والظنون …
ساورني شك السؤال عن قيمة المشفى ..قيمة جمعيات تأخذ المال العمومي ريعا وعن فقهاء متعبدون ..ويقدموا الفتاوي بكل ثقة حول الحلال والحرام ..وحول الإيمان والأجر والثواب والخطيئة والصواب ..ساورتني أفكار كثيرة حول جدوى المؤسسات وجمالية الاحتفالات في وطن يعش بين الانتصارات ومثل هته الهفوات..
الخطيئة أن أفكر أن أعبر أن أنشر غسيل خطايا الحمقى الذين يبتسمون ولا يتظاهرون ولا يبكون ولا في نقابات ينتظمون أو بالأحرى يصدرون بلاغات مدفوعة الأجر ..أو عن حقهم في الكرامة والحياة ينادون …
نافذة سيارة الأجرة تعبر الطرقات وتحترم الإشارات..إشارات المرور ..يستوقفك أطفال يريدون ابتياع مناديل الورق أو امرأة تلبس لباسها الأبيض منذ أعوام وشهور وقد اعتادت التسول في حداد عن زوج لم يمت بعد ..
الحمقى يبتسمون ولا يضجرون ولا يبكون فهم لواقع الأمر مستسلمون ..هم ليس من أهل المسيح ولا من أهل الكتاب ولا هم من المجوس لكنهم في الأصل مسلمون ..من صلب هذا الوطن حيث المساجد مفتوحة والبباض ..حيث الله موجود لكن الايمان في قلب الحكومة مفقود ..
القطط تموء والكلاب تنبح والعصافير عجزت عن التغريد وقد حطموا حقها في العشق المجنون الفريد ..
هل سمعت يا ساعي البريد ؟؟
ماذا كتبت؟ وماذا أريد ؟؟
لقد مات الحق وبقي الدفاع عن الحق في قاعة محكمة الحياة فريد!!!
الحمقى يبتسمون ..من زبالة بني آدم يأكلون ..لا يغتسلون ..مغتصبون على الكرطون في مدينتي ينامون …