swiss replica watches
حزب العدالة والتنمية يرفع شعار ” أنا وبعدي الطوفان” – سياسي

حزب العدالة والتنمية يرفع شعار ” أنا وبعدي الطوفان”

سياسي/ عبد السلام المساوي
الصراحة تقتضي أن يفهم حزب العدالة والتنمية أنه مجرد لاعب سياسي الى جانب لاعبين آخرين ، داخل رقعة ملعب ، وان تلك اللعبة مصممة بقواعد تضمن للجميع حق التواجد دون تغول من أحد .
لكن اذا أصبحت الأنانية والاستعلاء وحب السلطة مشاعر تدفع الحزب الحاكم لخرق قواعد اللعبة والمس بالتوازن والتهديد للضغط على المؤسسات غير عابئ بتداعيات ذلك ، هنا فقط ، هنا فقط ينبغي للعبة أن تتوقف ويتم تحذير اللاعب المخل بالقواعد المعمول بها ، وربما اذا استمر في تحديه اللجوء لقرارات قاسية حماية له ، وللجميع .
كلما تقدم حزب أو هيئة أو منبر اعلامي باقتراح سياسي داخل البرلمان أو خارجه ، الا وانبرى له حزب العدالة والتنمية ليرميه بأبشع النعوت ، ويظهر نفسه بمظهر المدافع الشرس عن الدستور والذائد المغوار عن الديموقراطية ، وهما منه براء . والحقيقة أن الحزب الحاكم يدافع عن مصالحه المادية والانتخابية ليس الا ، فما معنى أن يهاجم الحزب الحاكم كل من يطالب بتعديل قانوني أو دستوري ؟
لقد تحول هذا الحزب من تنظيم سياسي كباقي الأحزاب الى حزب يلعب دور الوصي على أحزاب ” قاصرة ” في نظره ، ليس من حقها ممارسة حقوقها الدستورية الا بعد طلب استئذانه .
هذه النزعة التسلطية التي لم يعد يخفيها ” البيجيدي ” تنم عن تفكير هيمني ، لا يؤمن في عمقه بوجود المؤسسات الدستورية والمساطر القانونية ، ولا يحترم أبجديات اللعبة الديموقراطية التي تسمح لكل فاعل بممارسة حقوقه وواجباته ، وفق الثوابت الجامعة للمملكة.
وينسى الحزب الحاكم أنه لولا قاعدة التوازن السياسي التي ظلت تعمل باستمرار طيلة نصف قرن ، لما وجد موطئ قدم في الحياة السياسية اليوم ، ولانتهى بنا المطاف منذ ستينات القرن الماضي للعيش في كنف الحزب الوحيد .
لقد ظلت قاعدة التوازن السياسي ، التي تتجاوز في وظيفتها القواعد الدستورية المعلنة ، صمام الأمان ضد نزوعات الهيمنة الحزبية مهما كانت عقيدتها السياسية ، وفي كل لحظة كانت تتدخل هاته القاعدة الذهبية بنعومة أو صرامة لإعادة الأمور إلى نصابها ، وضمان السير العادي للمؤسسات ، ومواجهة فكر الاحتكار السياسي الذي يريد أن يفرض منهج ” لا أريكم الا ما أرى “.
واليوم يريد حزب العدالة والتنمية أن يتحول الى حزب فوق الأحزاب ، يملي عليها ما ينبغي أن تفعله وما لا تفعله ، ويرسم لها حدود التحرك المسموح به ، وهو في تحقيق مسعاه يستفيد من خطاب المظلومية والمؤامرة …
لقد وصلنا الى اللحظة التي ينبغي أن يفهم فيها الحزب الحاكم أنه حزب كباقي الأحزاب التي دبرت الشأن العام في الماضي ، وليس أمامه سوى التوافق مع أقرانه في القضايا الخلافية ، أو الخضوع للتصويت الديموقراطي اذا تعذر التوافق ، غير ذلك فهو يلعب بالنار التي قد تحرقه لوحده .
واليوم تبين لنا أننا أمام ممارسات بشعة وموجبة للتقزز ، من الذين يفترض أنهم أعوان في صيانة الدستور من العبث ، ومكلفون بضرب المثل في أخلاق رجال الدولة .
للأسف الشديد يوما بعد يوم نتأكد أن الحزب ورجالاته لم يكونوا مؤهلين بتاتا لتدبير شؤون دولة لها تقاليد عريقة في الحكم ، لكن القدر السياسي قادهم دون سابق انذار على ظهر موجة ” الربيع العربي ” لكي يمارسوا حماقاتهم علينا ، في انتظار أن يخضعوا لسنة الجزر السياسي القريبة جدا .
هناك قصة فرنسية وجيزة وجديرة بالاهتمام بطلها رئيس الجمهورية الفرنسية رينيه كوتيه يقدم فيها تمييزا بين رجل السياسة ورجل الدولة ، ففي احدى المناسبات ذكر له أحد وزرائه اسم زعيم بارز من زعماء الحياة السياسية في فرنسا فاستخف به الرئيس الفرنسي به وقال : ” انه ليس سوى رجل عادي بسيط من رجال السياسة ” . فسأله أحد الحاضرين : ولكن يا حضرة الرئيس ما الفرق بين السياسي ورجل الدولة في رأيك ؟ فأجابه قائلا : الفرق بسيط جدا ، رجل الدولة يريد أن يعمل شيئا من أجل بلاده ، والرجل السياسي يريد من بلاده ان تفعل شيئا من أجله . ولا يكتمل معنى هاته القصة دون استحضار قولة الجنرال ” ديغول ” حينما قال انه لم يأت لحكم فرنسا لمرتين بالشرعية الانتخابية ، بل استدعاه للحكم نداء فرنسا .
وعشنا اليوم في الجلسة العامة لمجلس النواب المخصصة لتعديل قوانين الانتخابات ، لحظة سياسية فاصلة ، اكتشفنا معدن رئيس الحكومة ؛ رجل سياسة يضع الدولة تحت مصلحة حزبه لربح بعض المقاعد البرلمانية وبعض المناصب الوزارية حتى لو كان ذلك مقابل التعددية الحزبية والتوازن السياسي .
اليوم اتجهت الانظار الى الى السيد العثماني بشأن موقفه من تعديل القاسم الانتخابي ، الذي لم يعد مجرد إجراء انتخابي بل معركة سياسية بين كل الأحزاب السياسية وبين حزب يريد ان يستفيد بالمشهد الحزبي ويملي قراراته على الباقي ، ويضرب بعرض الحائط كل التوافقات السياسية التي أوصلت حزب العدالة والتنمية الى قبة البرلمان وباب المشور السعيد .
لقد أصر رئيس الحكومة على الانتصار لحزبه وتأييد مواقف إخوانه التي وصلت الى حد تهديد المؤسسات والمس بسلامة العملية الانتخابية المحصنة دستوريا .
ان حزب العدالة والتنمية ، حزب مستعد ، في أي لحظة ، لابتزاز جميع المؤسسات دون استثناء ، بطريقة فجة .
حزب يحمل شعار ” أنا وبعدي الطوفان ” ، و ” اما أن أكون بالشكل الذي أريد ، أو لا يكون أحد”.
نحن في هذا البلد يجمعنا حب وطن المغرب ، وحب الأمة المغربية ، وهو مسبق على الانتماء العابر لأي ” حزب ” ، مهما بلغ صوت عويله والصراخ كل الافاق .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*