swiss replica watches
الأمن ودولة القانون – سياسي

الأمن ودولة القانون

الأمن ودولة القانون
بقلم: عبدالهادي بريويك

إن الواقع الجيوسياسي و الأمني الذي يرخي بظلاله علينا اليوم بتكاثر محاور النزاعات الدولية و النظام العالمي الجديد و الربيع العنيف الذي عرفته عدة مجتمعات مجاورة لبلادنا و غير مجاورة لها، ألهب الدول و أفقدها استقرارها و أضحى العنف و الجدل العقيم سمة تطور هذه المجتمعات فيما يشبه ثورات و ثورات مضادة و الحديث باسم الشعب في غياب أية قنوات مؤسساتية لممارسة سلطة الشعب بواسطة الحوار و الديمقراطية و وسائل التمثيل و الانتخاب و الاقتراع و التعبير الحر عن الرأي و الرأي المضاد أو المخالف.
وهو الأمر الذي أدى الى فقدان الأمن الفردي و الجماعي و المس بكيان المجتمعات و مكوناتها الإيديولوجية و الفكرية و الثقافية و الدينية التي طغت على الاختيارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الهادفة إلى تطور المجتمع و تحرره و البحث عن رغد مكوناته و تنمية قدراته و طاقاته الفكرية و الثقافية . فأضحى العالم الذي نعيش فيه مفتقدا للأمن القانوني و للأمن القضائي.
إن كل هذه المظاهر الحديثة المخيفة و المروعة لا تكاد دولة قد تنجو منها سوى بتحصين أمنها المجتمعي، و أمنها القانوني ، و أمنها القضائي في تناغم تام مع العهود و الاتفاقات و التشريعات الدولية في ميادين الحريات العامة و الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.

مع ضرورة تحصين الذات الدولتية و تجانس مكونات الدولة من شعب ، و إقليم، و سلطة سياسية في ماهيتها و بنيتها ووظيفتها تفرض بناء قانون الدولة و دولة القانون.
إن فكرة الأمن القضائي تسير في نفس منحى الأمن القانوني ، لكن هذا المفهوم يخضع الى جدع مشترك مع مبادئ الأمن القانوني كالحرص على المساواة و وضوح القاعدة القانونية و سهولة فهمها و استيعابها من طرف الجميع و تضمينها قيما معيارية و تلافي تناقض القواعد و استقرار القواعد التعاقدية و قابلية القانون للتوقع و سهولة الولوج إلى القانون و المحكمة و ضمان قواعد المحاكمة العادلة وعدم رجعية القانون ومبدأ الشفافية؛ و كخلاصة للفكرة فإن محاولة تفكيك عناصر العلاقة بين الأمن القانوني و القضائي أن القاعدة القانونية نظرا لطبيعتها الالزامية المجردة العامة عادة ما تكون واقية من النزاعات ، لكن عند حدوث المنازعة أمام القضاء فإن القاعدة القانونية تلعب دور الدواء و القضاء هو الطبيب المعالج، و ذلك بين مفهومين للأمن القضائي.
كما شكل دستور 1/يوليوز/2011 نقلة نوعية في علاقة سلطات الدولة فيما بينه واستقلال الواحدة عن الأخرى، وخصوصا فيما يتعلق بالسلطة القضائية واستقلال القضاء.
_ لقد أكد الفصل 107 من الدستور المغربي أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيذية و الملك هو ضامن استقلال السلطة القضائية ،
و لتأصيل مفهوم الأمن القضائي في دستور المملكة المغربية أكد الفصل 109 من الدستور على ما يلي:
( يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء و لا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات و لا يخضع لأي ضغط … وعلى القاضي كلما اعتبر أن استقلاله مهددا أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وكل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال و التجرد خطأ مهني جسيم و يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة) .
_ و أكد الفصل 110 من الدستور أن قضاة الأحكام ملزمون بتطبيق القانون و لا تصدر أحكامهم إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.
_ و قد أعطى الفصل 111 من الدستور الحق في حرية التعبير و الانخراط في جمعيات
و إنشاء جمعيات مهنية مع احترام واجبات التجرد و استقلال القضاء.
_ و أشار الفصل 112 منه أن النظام الأساسي للقضاة يحدد بقانون تنظيمي فيما نظمت الفصول 113 الى 116 من الدستور المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
_ و قد أصل الدستور المغربي حقوق المتقاضين و قواعد سير العدالة بالتنصيص على حماية القاضي لحقوق الأشخاص و الجماعات و حرياتهم و أمنهم القضائي و تطبيق القانون، واعتبر أن لكل شخص حق التقاضي و الدفاع عن حقوقه و مصالحه التي يحميها القانون و إمكانية الطعن أمام الجهة القضائية الإدارية المختصة في كل قرار إداري سواء كان تنظيميا أو فرديا و أقر الفصل 119 منه مبدأ قرينة البراءة و الفصل 120 الحق في محاكمة عادلة و إصدار الحكم في أجل معقول و ضمان حقوق الدفاع أمام جميع المحاكم و مبدإ مجانية التقاضي لما يكون المتقاضي لا يتوفر على موارد كافية ، بل لقد أقر الفصل 122 حق كل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة ، ومنع الدستور المغربي بصراحة الفصل 127 إمكانية إحداث المحاكم الاستثنائية بعد أن ألغى المشرع المغربي جل المحاكم الاستثنائية ( محكمة العدل الخاصة ) و حدد اختصاص المحكمة العسكرية بالنسبة للعسكريين فقط و في مجال الجرائم العسكرية دون عرض المدنيين عنها.
_كما نظم الدستور المغربي المحكمة الدستورية و مجال اختصاصها.
_ و يمكن القول أن دستور المملكة المغربية المصادق عليه يوم فاتح يوليوز 2011 اعتمد كل المعايير القانونية في ضمان الأمن القضائي و تعريف الفقه القانوني و الفقه القضائي للأمن القضائي.
_ إلا أن دستور 1/يوليوز/2011 الذي وضع الأحكام و المبادئ العامة لمفهوم الأمن القضائي و دسترته أحال على ضرورة سن القوانين التنظيمية المنظمة لها.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*