swiss replica watches
أيمن صلاح يكتب: جدتي والثورة – سياسي

أيمن صلاح يكتب: جدتي والثورة

واد يا أيمن.. ده لقبي عند جدتي لما تبقى زعلانة مني, هي بتحترمني قوي، وهي مش طايقاني.. كانت واقفه فى المظبخ بتطبخ الغدا للعيلة، أصل النهاردة الجمعة لمة العيلة عندها للغدا، بس أنا باجي بدري شوية علشان اساعدها, المهم قالتلي أنا هاعمل قهوة.. اعمل حسابك؟ رديت: آه. جدتي والقهوه طقوس متوارثة عبر الأجيال، هي بتطحن البن بأديها يوم بيوم، وكمان بتحوجه كل تلقيمة حسب الموقف, كل حاجة وليها تلقيمتها..   تجيب السبرتاية وتعملها بروقان حتى لو الحرب العالمية الثالثة قامت، مش  مهم.. القهوة دايما لازم تتعمل بروقان بال وحب زي الصلاة بالضبط وبعدين شرب القهوة مع سيجارة سوبر بتأمل، كأنها بتقرا القرآن بالضبط،  ومهما كان الموضوع، تلاقي الدنيا اتغيرت بعد الفنجان.

جابت السبرتايه وبدأت تسوي القهوة، وهي مشغلة أم كلثوم، قعدنا واستربعنا على كنبتها الأسيوطي اللي بقالها في بيت جدتي من ساعة ما ربنا خلقنا، والكنبة دي ليها روايات تتحكي بس مش دلوقتى.

المهم بدأت تجرحر حبل الكلام مني.. مالك يا واد يا أيمن؟ شكلك مش مبسوط وضحكتك مش  بترن زي زمان في البيت؟ حاسة إنك شايل الهم.. احكيلي يا ابني ده أنا سرك, رديت: إنتي صح يا أسماء.. أنا فعلا مهموم ومخنوق وحاسس إني عايز أولع في نفسي.

على إيه يا حبيبي؟ ردت وهي بتلقم البن علشان القهوة.. قلت: يا حاجة البلد زي الزفت، وأديكي شايفة الدنيا معكوكة عكة سودة.. معتقلات تاني وسرقه تاني وحرب على الإرهاب تاني، ومحدش فاهم حاجة.. تشوفي الجرايد والتلفزيون يتهيألك إن إحنا في اليابان.. تبصي في عنين الناس تحسي بغلب وقهر غير طبيعي.. الناس بتسمع حاجة وتشوف حاجة تانية خالص.. الثورة يا حاجة راحت في داهية.. فجاْه اتغير وش جدتي، كأنها حتحارب، وطفت السيجارة وولعت واحدة تانية على طول، مما يشير إلى جلل الأمر القادم واهميته للحاجة.. بص يا ابن العبيطة.. (كده الحب كله رجع).. إوعى تكون فاهم إن الثورة خلصت، وإلا تبقى أعمى وأهبل.. الثورة لسه ما بدأتش أصلا.

نعم يا حاجة!! لأ هاتي سيجارة و اشرحيلي مع القهوة, صبت القهوه بهدوء ناسك بوذي في معبد في اليابان، وتجلت وقالت: اللي حصل في أول يناير، هو مجرد إشارة إن فيه ثورة في الطريق، لكن مش حتى البداية، ولما مبارك اتنحى عن السلطة ما كانش بسبب ضغط الناس، ولا أمريكا بس، كان في رأيي حماية لمصالح ناس تانية من الشارع اللي بيغلي، وضحكوا على الناس وفهموهم إن طلباتهم كده اتحققت، وزي ما حصل في ٥٢ لما قالوا إن الناس كانت مش طايقة الملك فاروق، وإنه كان خاربها، رغم إني كنت عايشة الأيام دي.. ممكن يكون هو ملك بايظ، بس البلد إجمالا كانت ماشية.. جه الضباط الأحرار، وقالك إحنا بننقذ البلد من فساد الملك والاحتلال وكده، وهوبا لقينا البلد ماشية في سكة اللي يروح مايرجعش, وإحنا كشعب صحينا من النوم لقينا الجيش بيقولك الحركة المباركة والملك ابن جزمة.. قلنا طب وماله.. تعالوا نشوف الناس دي هتعمل إيه، وفجأة البلد بقت في مشكلة، والفساد ابصر إيه، المهم هوبا.. إيشي تأميم ومحاكمات ثورية وتمام.

طيب ياللا نصلح البلد بقى.. لا لا ده الملك كان ناهبها ومصر مديونة (مصر كانت مداينة إنجلترا والجنيه الورق كان بجنيه دهب) وشوية ولقينا الضباط الأحرار بقوا الباشوات الجداد، وبدل الملك الحرامي بقى عندنا مافيا كاملة, كل ده والشعب في البالوظة ولا فارقة معاه جمال ولا السادات ولا مبارك.. اللطيف في الموضوع إن الناس كل يوم بتقرا عن إن الحكام دول مموتين نفسهم من أجل الشعب والوطن، وكل يوم الوطن والشعب بيخربوا أكتر.. طب والله يا أيمون (كده وصلت مرحلة الدلع عند جدتي)  أنا كان نفسي اقابل واحد من الحكام واقوله كفاية بقى العمل لمصلحة الوطن والشعب من أجل رفعته.. أفشخونا بقى.. مش يمكن حالنا يتعدل. المهم أول مرة في تاريخ مصر المحروسة الناس تحس إنها ممكن تخوف الحاكم كان ٢٨ يناير.. يوميها زغرطت من البلكونة، وﻷنهم مش واخدين على كده (جمعية المنتفعين بمصر) بقوا مش عارفين يعملوا إيه.. نحاكم مبارك ولا إيه؟ شوية مجلس عسكري وشوية مرسي، ولغاية دلوقتي لسه بيجربوا.. بس حقولك يا أيمون الأهم من مين اللي يبحكم المحروسة دلوقتي.. الجيل الجديد العيال ١٢-١٥ سنة اللي بينزلوا المظاهرات, البنات اللي كانت في الشارع، حتى الأمهات والجدات اللي نزلوا في ٣٠ يونيو.. كلهم عرفوا سكة الشارع, عرفوا إنهم طرف مهم في اللعبة، وإنهم مش دايما مفعول فيه أو مفعول به.. هما ممكن دلوقتي مش فاعل، بس ممكن بعد كده يبقوا.. الثورة هتبداْ لما الناس تبقى فاعل مش مفعول فيه.

أنا كل ده ساكت ما فتحتش بقي، وقاعد ساكت زي البطة البلدي، رغم إني بربنط.. بس كلام جدتي خرسني.. المهم نطقت أخيرا: هو إحنا حنتغدا إيه يا حاجة؟ ردت: مكرونة بشاميل وريش مشوية.. عارف ياض يا أيمون أنا باحبك ليه؟ علشان إنت تلميذ كويس وبتسمع الكلام.. جاتكوا نيلة في أيامكم، وبدأت قوافل العيلة توصل، فقررت أسماء تبطل كلام في السياسة،  بس وعدتني بقعدة تانية.. بحبك يا جدتي.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*