*زلة قلم :*
*باعزيز… ماذا فعلت بنا حتى صار الوطن على مرمى حجر؟*
*بقلم: عبدالهادي بريويك*
هل ما زال مقعدك الوثير في رئاسة الحكومة يريحك، يا باعزيز، بعد كل هذا الغليان الذي تشهده البلاد؟
وهل تنام قرير العين بينما الوطن يحترق بصمت، والشعب يصرخ دون مجيب؟
ثم قل لنا بصراحة: هل تمتلك الشجاعة لتقر أنك أجهضت النموذج التنموي الجديد، وأغلقت الباب في وجه الطبقة المتوسطة والفقيرة؟
*لقد طفح الكيل* .
لم يعد الغضب حبيس الجدران ولا حوار المجالس المغلقة. الشباب خرجوا إلى الشوارع، الآباء صرخوا، الأمهات انكسرن، والأبناء حملوا شعارًا صارخًا: “ارحل”.
*نعم، “ارحل* “…
لأنهم لم يعودوا يؤمنون بحكومة تحترف التبرير وتوزيع الشعارات بدل الحقوق.
خرجوا لا لترفٍ، بل من أجل إقرار الحقوق الدستورية وضمان العيش الكريم.
خرجوا لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد من الإهانة باسم “الإصلاح”.
هؤلاء الشباب هم نتيجة حتمية لسياسات القهر والتفقير التي طبّقتها حكومتك.
هم أبناء ذلك الجيل الذي طحنه الغلاء، وقتلت طموحه البطالة، وأطفأت عينيه الوعود الكاذبة. هم مرآة الواقع الذي تجاهلته، وصرخة وجعٍ لم تعد تنفع معها خطاباتك المنمّقة.
أما آباؤهم وأمهاتهم، فحكايتهم أكبر من الحبر والورق. قهرهم الزمن، سحقهم العجز، وأذلّهم الشعور بأن أبناءهم بلا مستقبل.
هذه ليست نغمة حزينة، بل حقيقة قاسية يسمعها كل بيت، وكل حي، وكل مدرسة ومستشفى وسوق شعبي.
فأيّ حكومة هذه، يا باعزيز، تدّعي أنها تهتم بالمواطن من المهد إلى الشيخوخة، بينما المواطن يُهان من المهد حتى قبر الكرامة؟كما قال “تابع نعمتك”، ذاك الذي خرج بوجه مبتسم يسخر منا ومن الوطن؟ يسخر من معاناة الأمهات، من دموع الشباب، من صرخات الفقراء… كأنكم لا تعيشون معنا على نفس الأرض.
الشعب لم يعد يحتمل. وعودكم صارت نكتة سوداء. الثقة سقطت، والصوت ارتفع، والشارع يتحرّك.
فهل تسمعون؟ أم أن الصمم صار أيضًا من خصائص حكومتكم؟
الوطن اليوم في مفترق طرق. إما الاعتراف والفعل الجريء، أو الإصرار على المكابرة حتى النهاية.
لكن، فلنكن واضحين: المغادرة لا تعني نهاية القصة.
المغادرة يجب أن تكون مشروطة — دستوريًا وأخلاقيًا — بالمحاسبة.
على من أدار ظهره للشعب أن يُسأل أمام الشعب.
وعلى من أجهض النموذج التنموي، وعمّق التفاوت الاجتماعي، وأفشل الأمل الجماعي… أن يتحمل مسؤولية الفشل.
لأن من لا يُحاسب، سيعود. ومن لا يدفع ثمن أخطائه، سيفرض علينا أخطاءً أكبر.
