خبث السياسة وبلاغة الصورة: حين يتحول الدفاع إلى تهمة

شهادة الصورة 

*خبث السياسة وبلاغة الصورة: حين يتحول الدفاع إلى تهمة* 

 *بقلم عبدالهادي بريويك* 

في مشهد جديد من مشاهد العبث السياسي، انتشر مؤخرًا فيديو تم الترويج له بشكل واسع، يصوّر لحظة احتكاك بين محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وعدد من الأشخاص الذين حاولوا اقتحام مقر الحزب.

الفيديو، الذي اجتزئ من سياقه بشكل واضح، قُدم للرأي العام كدليل إدانة ضد بنعبد الله، متهمًا إياه بسلوك غير لائق، بينما الواقع – كما تكشفه الصورة الأوسع – يروي قصة مغايرة تمامًا.

هؤلاء الذين ظهروا في الفيديو الذي مر عليه ردح من الزمن وهم يفتعلون الفوضى أمام المقر، لا تربطهم بالحزب أية صلة تنظيمية أو نضالية، بل إن سلوكهم يعكس نية مبيتة لتشويه صورة الحزب والإساءة إلى قيادته.

غير أن الكاميرا، رغم محاولة استخدامها كأداة تشهير، فضحتهم أكثر مما أسعفتهم.

الصورة التي رُوّج لها على أنها لحظة “انفعال” من الأمين العام، هي في الحقيقة لحظة دفاع نضالي، بل ربما تعبير غريزي عن الغيرة على الحزب، من طرف رجل خَبِر المعارك السياسية ولم يتردد في الوقوف، بشجاعة، بين المقر و”البلطجة”.

السؤال هنا ليس عن شكل الرد، بل عن خلفيات الاستهداف: لماذا يُستهدف حزب التقدم والاشتراكية في هذا التوقيت؟ ولماذا يُحوَّل فعل الدفاع المشروع عن مؤسسة حزبية إلى مادة للابتزاز السياسي والإعلامي؟ ألا يحق لقيادي حزبي أن يحمي تنظيمه من محاولات الاختراق والاستفزاز؟ أليس من المفارقة أن يُلام من تصدّى للعبث؟

الحقيقة التي لا يمكن التعتيم عليها، أن ما جرى ليس سوى حلقة ضمن سلسلة من المحاولات الرامية إلى تشويه صورة الحزب وتشويش مسيرته، خصوصًا وهو يعيد بناء ذاته بثقة ويُحضّر لمرحلة سياسية مفصلية.

وإذا كان هناك من “ردة فعل” قد تُحسب على الأمين العام، فإنها ردة فعل المناضل الغيور، الذي لم يتعود أن يختبئ وراء الكواليس، بل اختار دائمًا أن يكون في مقدمة الصفوف، ولو كلّفه ذلك استهدافًا مشبوهًا أو اجتزاءً مغرضًا.

إن السياسة، حين يُسَيّجها الخبث، تُنتج مثل هذه الممارسات: تزييف للوقائع، وقلب للأدوار، وشيطنة للنوايا. لكن لحسن الحظ، لا تزال الصورة أبلغ من الافتراء، ولا تزال الحقيقة قادرة على أن تشق طريقها، مهما كثر الضجيج.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*