swiss replica watches
لهذه الأسباب قضية الشوباني أخطر من قضية الملعب – سياسي

لهذه الأسباب قضية الشوباني أخطر من قضية الملعب

عبد الرحيم المنار اسليمي

رغم كل التوصيفات التفسيرية التي جرت في الأسابيع الأخيرة لمحاولة حصر قضية العلاقة التي انفجرت داخل الحكومة بين الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في كونها علاقة شخصية خاصة تدخل في إطار الحقوق والحريات الشخصية في الزواج والطلاق ،فإن هذا التوصيف خاطئ لكون القضية لا تتعلق بعلاقة وخطبة ارتباط بين مواطن مغربي عادي بمواطنة عادية من المغاربة ،فالأمر يتعلق بوزيرين والوزير مصطلح ّو حمولة دستورية وسلطوية كبيرة في اذهان المغاربة ، و بشخصيتين عموميتين من حزب سياسي انتقل من المعارضة الى الحكم اشتهرا داخله ،سواء الوزير أو الوزيرة المنتدبة ،بدفاعهما عن مشروع مجتمعي يرتبط بالحركة الإسلامية المغربية ،بل كثيرا ما كان الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني يردد أن حزب العدالة والتنمية يحارب “الاستبداد “،لذلك ،لا ينتبه الكثير الى أن الأمر يتعلق بقضية دولة ومجتمع من شأنها إنتاج مخاطر كبيرة على صورة الدولة والحزب الحاكم وأن تعرقل العمل الحكومي والبرلماني ،كما انها ستترك جرحا اجتماعيا كبيرا بدأت شروخه تظهر في أوساط المنظمات النسائية التي كانت تنتظر الإنصاف ،فإذا بها تفاجئ بطقوس اجتماعية تعصف بالمكتسبات الرمزية لمدونة الأسرة وتجعل عقلية “الشك والمؤامرة ” تتحرك إزاء مصير المقتضيات الدستورية للمناصفة والمساواة،

ولم ينتبه الكثيرون إلى أن قضية الشوباني هي أكبر من قضية ملعب الأمير مولاي عبدالله أو ما يعرف بحادث “الكراطة والسطل والجفاف “،فكلاهما يمس بصورة الدولة لكن حادث الملعب من الممكن تفسيره بسوء التدبير، أما قضية الوزير والوزيرة المنتدبة فإنهما يجمعان مخاطرا كثيرة تمس صورة الدولة والحزب الحاكم والعمل الحكومي وتخلق شرخا وجروحا ستعيد نقاشا جرى أزيد من عشر سنوات في المغرب ،

صورة الدولة والحزب الحاكم في خطر ،

الخطر الأول، صورة دولة القانون المغربية في الخارج ،فالمغرب الذي يرافع أمام المجتمع في كل مناسبة بمدونة الأسرة وبإنجازاته الدستورية في قضية حقوق المرأة ومقتضيات المناصفة والمساواة سيجد نفسه في التقارير الدولية القادمة مطالبا بتوضيح حالة الوزير الذي تحضر زوجته المواطنة العادية حفل خطبته من السيدة الوزيرة المنتدبة ،فالمشهد كان من الممكن أن يكون عاديا لو تعلق الأمر بمواطن مغربي عادي بإمكانه الزواج بحضور زوجته الأولى وممارسة حقه المقيد والمشروط في التعدد، ولكن الأمر لن يكون عاديا في دلالاته السياسية والرمزية لشخص عمومي ذكر وشخصية عمومية امرأة ،فالقضية تتجاوز حدود الشرعي والعائلي وتحمل رسالة لمسار طويل من المرافعة والنضال الذي قادته الحركات النسائية طيلة العشرين سنة الماضية ، لينتهي اليوم عند صورة تطرح السؤال عن مصير إنجاز مدونة الأسرة داخل التجربة المغربية ،

ولا أعرف ما هو التفسير الذي سيقدمه رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو المندوب السامي لحقوق الإنسان، إذا ما أثارت منظمة حقوقية دولية ،تعنى بقضية المرأة ،هذا الموضوع ،ففي الوقت الذي ينتظر المجتمع الدولي تطبيقات قانونية تسير بالمرأة نحو المناصفة يأتي هذا الحدث الحكومي ليفتح نافذة وفرصة أمام كل المنتقدين الدوليين لمسار تطور حقوق المرأة في المغرب ،

الخطر الثاني ، صورة وتوازن حزب العدالة والتنمية ،الحزب الذي صوت عليه المغاربة ويقدم اليوم في المحافل السياسية الدولية كنموذج ناجح من بين الأحزاب السياسية الإسلامية التي قبلت بقواعد اللعبة والانفتاح الليبيرالي ،تهتز صورته اليوم ،ففي الوقت الذي بدأ المغاربة يحسون بتقدم حكومة العدالة والتنمية في التغلب على صعوبات التدبير وبدأ رئيس الحكومة يسترجع توازنه ،تأتيه ضربة موجعة من داخل تنظيمه وليس من شركائه ،والخطير في الأمر أن الكثير لن يقف عند تفسير حادث الخطبة بكونه لوزير ووزيرة منتدبة، بل سيعتبره “مؤامرة من الحزب الحاكم “ضد مدونة الأسرة ،ويعطي بذلك حجة إضافية للرافضين لحزب استحق بامتياز أن يقود الحكومة المغربية بعد انتخابات نزيهة ،ولا أظن أن السيدات والسادة أعضاء الحزب غافلون عن هذه الضربة رغم سكوت بعضهم ومحاولات بعضهم تبرير الحدث وكأنه بين مواطن ومواطنة عادية من حزب العدالة والتنمية ،

الخطر الثالث ، الحدث يعوق عمل وزارتين اجتماعيتين ، وتزداد الصعوبات بكون الوزير والوزيرة المنتدبة ينتميان لقطاعات حساسة، فالوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني سيجد نفسه في صدام مباشر داخل المؤسسة البرلمانية مع مناضلات من المنظمات النسائية ،كما أن حالة البرلمان ستجعل نفسيات الوزير والمعارضة قابلة للتصادم والتوتر بسهولة خاصة مع المعارضة ، مما قد يحول قاعة البرلمان الى حلبة للمواجهات والإتهامات كما حدث في ملف تسجيل دكتوراه الوزير نفسه ،يضاف إلى ذلك أن الوزير التي تقاطعه فئات واسعة من تنظيمات المجتمع المدني ،المسماة بالحداثية اليسارية ، فقد كل إمكانيات المصالحة وقد يواجه في أي لقاء مفتوح بصيحات منظمات مدنية وطنية وجهوية ،

ورغم أن الوزيرة المنتدبة تشتغل تحت إشراف السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ،فإنه ستصبح لديها صعوبات في مخاطبة والتواصل مع فئات واسعة من الطالبات والطلبة الجامعيين ،فالجامعة تزداد درجة تسيسها وتبحث فيها الفصائل عن كل الحجج لاستعمالها في مواجهات بعضها البعض ولا تميز بين الشخصي والعمومي ،لذلك بات من الصعب تصور حضور أو وقوف الوزيرة المنتدبة في جامعة من الجامعات أمام فئات الأساتذة والطلبة للدفاع عن مشروع إصلاحي معين ، خاصة وأن الجامعات هي أماكن لإنتاج المفاجآت ولا احد يمكنه توقع ما يمكن أن يجري ،

على بنكيران أن يمارس صلاحياته الدستورية باقتراح الإعفاء

وبناء على هذه المعطيات ،فإن السيد عبد الاله بنكيران مطالب بممارسة صلاحياته الدستورية باقتراح إعفاء الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والسيدة الوزيرة المنتدبة في التعليم العالي ،فلا أحد يمكنه ان يعارض قضية خطبة وزواج أو طلاق لمواطنين عاديين ولكن الامر يصبح حاملا للمخاطر إذا تعلق بشخصيتين عموميتين يحدث بينهما ترابط وزاري وسياسي لحزب حاكم ،وعلى السيد رئيس الحكومة أن يبادر الى إعفائهما إنقاذا لصورة حزب العدالة والتنمية الذي ساهم في بناء توازن سياسي في مغرب ما بعد سنة 2011 ولازال لم يكمل مهمته ،فالحدث أكثر خطورة من حادث ملعب مولاي عبدالله الذي أعفي على إثره وزير الشباب والرياضة السابق ،ومن باب المساواة بين الوزراء والأحزاب السياسية أن تطبق قاعدة اقتراح الإعفاء وأن تكون المبادرة من طرف رئيس الحكومة الذي يجب أن يمارس سلطاته الدستورية ،فالمغرب في مرحلة التأسيس ويجب أن تحدث هناك سوابق مقترحات الإعفاء لكي تنتبه الأحزاب السياسية في الحكومة القادمة إلى ترشيحاتها للوزراء ،فالزواج حلال والتعدد حلال ومقرون بشروط والطلاق مشروع ،وهذه قواسم مشتركة تجمع بين الماركسي والليبيرالي والإسلامي ،لكن لا أحد يمكنه أن يتفق على العودة الى سنوات بداية السبعينات ،لازلت أتذكر وانا صبي صغير كيف ذهب الحاج الحسين “مول الصاكة” رحمه الله بمي سلطانة زوجته الأولى وأم اطفاله لحضور خطبة زواجه من امرأة أخرى تدعى “مي شامة “،ورغم صغر سننا كأطفال اهتزت نفسيتنا في الحي لهذا السلوك تضامنا مع “مي سلطانة” التي بدت خاضعة وبدون قوة نظرا لقوة الحاج الحسين واستبداده ،لا نريد العودة أربعين سنة الى الوراء لأن “مي سلطانة اليوم “هي الدولة ،والدولة في خطر إذا لم يعالج الموضوع بمغادرة الوزير والوزير للحكومة ويبادر السيد عبدالاله بنكيران إلى إعادة بناء صورة حزب العدالة والتنمية.

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*