محمد ولد الرشيد: تجربة العدالة الانتقالية في المغرب، هي استجابة لتوجيهات الملكية السامية، أسهمت في إرساء مفهوم شامل للمصالحة يتجاوز معالجة انتهاكات الماضي
قال رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد في الجلسة الختامية للندوة الدولة حول “التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية” يوم السبت 7 دجنبر 2024، انه “على مدار فعاليات هذه الندوة الدولية، وقفنا جميعا على الممارسات الفضلى لتجارب دول متعددة في مجال العدالة الانتقالية، ومساراتها والإصلاحات التشريعية والمؤسساتية والدستورية، وأدوار البرلمانات والفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني في دعم تنفيذ توصيات هيئات العدالة الانتقالية. وضمن هذه التجارب، تتبعتم كيف خصت التجربة المغربية، الأولوية القصوى، لمبدأ إقرار الحقيقة حول طبيعة ومدى الانتهاكات، وحرصت على أن يتم هذا الإقرار بشكل علني من خلال التناظر والمناقشة بصفة جماعية وبصفة مفتوحة داخل المجتمع، عبر تنظيم جلسات استماع عمومية شملت مختلف ربوع المملكة.”
واضاف رئيس مجلس المستشارين ” ولا مبالغة في التأكيد، على أن تفرد التجربة المغربية، يكمن من بين مقومات أخرى، في فتح قنوات الحوار مع مختلف المتدخلين قصد تسوية ملفات ماضي الانتهاكات، مما أسهم في خلق انفراج وانفتاح في الأجواء السياسية، و فتح أمام بلادنا مسارات إصلاحية ودينامية ديمقراطية وطنية منقطعة النظير، نجني ثمارها اليوم في سياق إقليمي ودولي متقلب ومتسم باللايقين. ووجب ضمن هذا البناء، استحضار ما تم التشديد عليه من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، أيده الله ونصره، بشأن أهمية هذا المسار الوطني الخلاق، في الرسالة الملكية السامية يوم أمس، والتي عبر جلالته من خلالها على أن النموذج المغربي قد مكن” … من المساهمة بشكل كبير في تطوير مفهوم وتجارب العدالة الانتقالية، والدفع بها إلى آفاق جديدة، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل أيضا على المستوى القاري والأممـي. ومع ذلك، فإن ما أنجزناه على طريق صيانة حقوق الإنسان وضمان احترامها، وفي مجال التنمية وبناء المؤسسات الديمقراطية، لا يعني الكمال، ولكنه، كما يشهد بذلك العالم، نموذج ديموقراطية أصيلة ومتأصلة صاعـدة”. (انتهى النطق الملكي السامي). وعطفا على ذلك، أود أن أتقاسم معكن ومعكم، بعض العناصر الإضافية لتميز التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، من بين أخرى تم تناولها في الجلسات الموضوعاتية من قبل باحثين وفاعلين من ذوي الاختصاص، والتي تكمن أساسا في:
1. التقدم المعتبر وغير المسبوق في استجلاء الحقيقة بشأن انتهاكات الماضي، والإقرار العلني بمسؤولية الدولة بخصوصها، لا سيما من خلال جلسات الاستماع العمومية للضحايا وذوي الحقوق، والجلسات الموضوعاتية التي تم تنظيمها إبان اشتغال الهيئة والتي تم بثها عبر التلفزة والإذاعة العموميتين؛
2. جعل الإصلاحات المؤسساتية التي أوصت بها الهيئة، مرجعا أساسيا، توجت بتأكيد العرض الدستوري الوارد في الخطاب الملكي ل9 مارس 2011 على ضرورة دَسْترة التوصيات الوجيهة منها، وهو ما تحقق فعلا في مقتضيات الدستور الحالي للمملكة المغربية؛
3. التسريع بإعمال التوصيات المتعلقة بجبر الأضرار الفردية مباشرة بعد الإعلان العمومي عن التقرير الختامي للهيئة وتكليف مؤسسة وطنية (المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وحاليا المجلس الوطني) لتتبع تنفيذ تلك التوصيات، كخطوة غير مسبوقة على صعيد الدول التي عرفت تجارب العدالة الانتقالية؛
4. برنامج جبر الضرر الجماعي، والذي شكل قيمة مضافة في تجارب العدالة الانتقالية؛
5. اعتبار مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف برامج الهيئة؛
6. التدابير المتعلقة بحفظ الذاكرة والأرشيف والتاريخ.
وقال رئيس مجلس المستشارين ” أن تجربة العدالة الانتقالية في المغرب، هي استجابة لتوجيهات جلالة الملك السامية، أسهمت في إرساء مفهوم شامل للمصالحة يتجاوز معالجة انتهاكات الماضي، إلى إقرار الضمانات لعدم تكرار ما جرى، تعزيزا للثقة بين الدولة والمجتمع وتوطيدا لدعائم الديمقراطية.