swiss replica watches
بلمير يكتب: تهديد الوباء؛ موت الرأسمال، عودة الاقطاع والإكليروس – سياسي

بلمير يكتب: تهديد الوباء؛ موت الرأسمال، عودة الاقطاع والإكليروس

نوفل بلمير

إن لِتفشي وباء كورونا وَقْعٌ كبير على مستوى الاقتصاد الدولي واقتصادات بلدان العالم.

إن التحولات التي عرفتها حركة رؤوس الأموال والمبادلات التجارية وتباطؤ حجم المعاملات المالية بفعل انطوائية الاقتصادات الوطنية الباحثة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي والملتفة حول حماية منظوماتها الاجتماعية المهددة، ستؤثر سلباً على النموذج الليبرالي الحالي الذي أبان عن ضعف في مواجهة الأزمات الاقتصادية المباغتة والخارجة عن كل التوقعات الإحصائية والظرفية التي ما فتئت المؤسسات المالية والبنكية الدولية لهذا النظام تقدمها، على أساس انها بيانات استشرافية، تُتَرْجم إلى وصفات واعدة وبرامج هيكلية تَعِدُ بالتنمية والتقدم والرفاه.
الأكيد، أن هذه التحولات التي سيشهدها الاقتصاد العالمي، لن تكون بمثابة رصاصة الرحمة في نعش النظام الرأسمالي، هذا الأخير الذي تمكن، في مراحل عديدة من التاريخ، من تدارك أخطائه والتكيف مع الأنماط الإنتاجية والاستهلاكية الجديدة، إلا أنها ستؤثر سلباً، وستضرب أحد الجوانب الحيوية لهذا النظام، والذي يجسد كنه قوته وسبب صموده، ألا وهو “رأسمال”.
إن ركود الحركة الاقتصادية بفعل تفشي هذا الوباء، المقرون بدواعي الحجر الصحي وتوقف الأنشطة الاقتصادية سيكون لها تأثير سلبي على مستوى القدرة الشرائية، مما سيؤدي إلى تدني مستوى الاستهلاك.
كما أن تراجع الاستهلاك، سيؤدي إلى نقص كبير في مستويات الإنتاج، لموازنة العرض والطلب، ولتفادي انهيار الأسعار، مما سيؤثر سلباً على الاستثمارات المتوسطة والصغيرة، الغير قادرة على تحمل مصاريف الرأسمال القار على المدى المتوسط والبعيد.
إن هذا التراجع على مستوى الاستهلاك والإنتاج، لن يؤثر على الثروة المحفوظة والمخزنة في الأملاك العقارية وفي المدخرات والأرصدة البنكية، أي الثروة النائمة، بل سيؤثر سلباً على الرأسمال المتحرك الذي يعتمد على الاستثمار وحركية الأسواق، أحد ركائز النظام الرأسمالي.
فإفلاس الكثير من الاستثمارات لن يؤدي إلى نفوق الرساميل واختفائها، بل تنقلها وتركيزها لدى أقليات محافظة اقتصادياً، فئة إقطاعية، غير مغامرة وغير مستثمرة، حيث سيتحول الرأسمال إلى ثروة نائمة لن تساعد على تنمية الاقتصاد وخلق مناصب الشغل، بل عكس ذلك ستؤدي إلى تراكم الثروات لدى فئات قليلة وتكريس الريع وتوسيع الفوارق الطبقية مع ظهور معضلات اجتماعية أكثر حدة وهشاشة.
في ظل هذا الواقع، لن تجد الفئات المستضعفة، من حل لمعضلاتها الاجتماعية، غير اللجوء للقوى الخارقة والمعتقدات، لفهم كينونتها وتفقد واقعها مع البحث عن سبل خلاصها في عوالم أخرى، ستعود الأديان لاحتضان هذه الهواجس الإنسانية، الفطرية والنفسية.
أمام هذه الأوضاع والمخاطر الاقتصادية، لا بد للدول أن تتدخل للحفاظ على التماسك الاجتماعي وإنقاذ اقتصاداتها التي هي سبب استقرارها. وهنا، تبدو النظرية الكنزية واعدة لتجنب الأزمة الاقتصادية، خصوصاً، على المستوى القريب والمتوسط، هذه النظرية تحث الدول على الرفع من نسبة الاستثمار العمومي كرافعة أساسية لدعم الاقتصادات الوطنية وتعمل على تشجيع الاستثمار الخاص بخفض معدل الفائدة بالنسبة للقروض مع تشجيع الاستهلاك وذلك بالحفاظ على مناصب الشغل واستقرار منظومة الأجور.
إن التهديد الذي يحمله وباء كورونا لا يقتصر على الجانب الصحي، بل يتعدى ذلك ليهدد نموذجاً اقتصادياً، بالرغم مما يعاب عليه من شراسة واقعية وفردانية مبالغ فيها، إلا أنه يحمل، في عمقه، قيماً إنسانية حضارية، مرتبطة بالحرية والاستقلالية، تعتمد على المبادرة والمثابرة والعمل وتنبذ كل أشكال الريع والاتكالية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*