swiss replica watches
المسنون المنسيون – سياسي

المسنون المنسيون

المسنون المنسيون.
بقلم :سذي علي ماءالعينين

أكادير ،يونيو ،2020.

عندما حل فيروس كورونا ظيفا ثقيلا على إسبانيا، وبدأت تسجل الإصابات بالآلاف، كان الجيش الإسباني أمام واقعة فضيعة تمس قيم الإنسانية في العمق، حين تم إقتحام دور المسنين ليكتشف ان العاملين بها فروا هربا وتركوا المسنين يواجهون مصيرهم في عزلة عن الخارج، مات المآت، ظلت جتثهم ممددة بالقرب من مسنين أحياء،
في أوروبا المسنون العاجزون عن مواكبة مصاريف الحياة يودعون بهذه المراكز، فيما المتقاعدون منهم يجدون أجرة التقاعد غير كافية لسد حاجاتهم، فيما نفس الأجرة تمكنهم من العيش في سياحة مفتوحة ومتعة غير محدودة بدول مثل المغرب،
في اكادير غالبية المتقاعدين من أوروبا، وفرنسا بالخصوص يقررون الإستقرار بالمدينة لما لها من جو مشمس وطقس مستقر، ولكن أيضا بسبب المكانة الروحية للمدينة في قلوب الفرنسيين بعد فاجعة الزلزال والتي اودت بحياة عدد كبير من الفرنسيين،
كانت لي عديد إستقبالات لهذه الفئة من السياح تقترح سبل الإندماج في الحياة العامة بأكادير، كالإستفادة من خبراتهم وهم من راكم تجارب كبيرة في مختلف القطاعات، وهناك أيضا حاجتهم للمربيات والخادمات اللواتي يعرفن التكلم بالفرنسية،
ولازال هذا الورش مفتوحا…
أما عندنا في المغرب، فإن المسنين احدثت لهم ” دار للعجزة” ،لكنها خاصة فقط بالمتخلى عنهم من طرف أسرهم، أو عديمي الأسر، فيما ولله الحمد يبقى المسنون في حظن أسرهم لما جعل لهم ديننا الإسلامي من مكانة.
أما المتقاعدون الذين يمكن اعتبارهم صنفا من المسنين، فإن ما يعرفه صندوق التقاعد من مشاكل، وضعف القطاع الصحي، و غيرها من المشاكل دفعت بكثير منهم إلى تأسيس جمعيات تمثلهم وتدافع عن قضاياهم، عمل دام لسنوات قبل أن توحد الجهود في إطار تنسيقية وطنية تأسست سنة 2015.
ويلاحظ مع توالي السنوات إتجاه هذه الجمعيات نحو العمل الإجتماعي و الترفيهي و مختلف الخدمات التي تنتشل هذه الفئة من ” العزلة” و الفراغ،
بل منهم من إلتجأ إلى العمل في الحراسة الليلية والمرابد، و العمل بالإنعاش الوطني و كل ذلك بسبب الأجرة الهزيلة من التقاعد خاصة ذوي السلاليم الدنيا،
ولعل رجال القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة مثال صارخ ومعبر عن المعاناة التي يعانيها المتقاعدون ببلادنا.
في بعض من المدن المغربية عمدت بعض الجماعات الترابية إلى تمكين جمعيات المتقاعدين من فضاءات خاصة بهم، في محاربة لتلك التجمعات للرجال المسنين في مجموعة من النقط يقومون بلعب الورق او ” الضاما” يفترشون ” الكارتون ”، والمصابون منهم بالبرد و ” السياتيك” يجلبون معهم كراسيهم…
في اكادير، في أواخر التسعينات أحدث فضاء للمتقاعدين، فيما بعد ذلك حاول متقاعدوا القوات المساعدة والأمن من الحصول على مقر ولو للإجتماع،
الفضاء الذي أحدث بأكادير كان بمبادرة من أصدقاء رئيس المجلس الذي كان متقاعدا من قطاع التعليم وكان هذا الفضاء تعبيرا عن تقدير للخدمات التي قدمها المتقاعدون طيلة مسارهم المهني ،
وبعد مجيئ الرئيس طارق القباج والذي واصل تقديم الدعم للجمعية المكلفة بهذا المرفق، إلا أنه كان له تصور جدير بالتمعن، فبعد إحداث دور للأحياء إعتبر الرئيس ان هذه الفضاءات مفتوحة للجميع بما فيهم المسنين والمتقاعدين، وأن فكرة إحداث فضاءات خاصة بهم هي مقاربة خاطئة تزيد من عزلتهم وتحرمهم من التواصل مع باقي الفئات لتبادل التجارب والخبرات،
لذلك توقفت فكرة إحداث مرافق خاصة بالمتقاعدين، لكن في المقابل تواصلت المبادرات الإجتماعية و الترفيهية عبر جمعيتهم المحلية و بتنسيق مع جمعيات مماثلة وطنيا ،حيث تنظم الرحلات و الملتقيات، و تخصص حصص للعمرة والحج، لكن كل ذلك يتم بميزانية محدودة لأن المجتمع والمؤسسات لم تستوعب بعد أن الأمر يتعلق بفئة حتما سننتمي إليها جميعا عاجلا أو آجلا،
ولو فكر كل مسؤول انه سيتقاعد يوما فسيتحمس بالقيام بوضع تصور خدماتي لمصاحبة هؤلاء في عمر تقاعدهم.
كورونا فتحت نقاشا بأوروبا يثير الرعب، وهو إعتقاد البعض ان هذا الفيروس هو مصطنع للقضاء على المسنين الذين لا ينتجون ويكلفون الدول ميزانيات ضخمة من التعويضات والخدمات،
هذا الخبر يحمل وجهين ،الأول أن أوروبا تعتني بمسنيها في التطبيب و المرافق و الخدمات، فيما عندنا يعيشون الهزالة والعوز والخصاص،
الوجه الثاني ان كل تلك العناية والمرافق والخدمات لا تعني بالضرورة تعبيرا عن إنسانية كما هو الحال عندنا لما يحتله هؤلاء من مكانة بين أسرهم.
نحن بكل تأكيد معتزون بكل فئات المجتمع وخاصة منهم من تقاعدوا بعد أن ربوا الأجيال و اسدوا لبلدهم خدمات جليلة ،خاصة المحاربون من القوات المسلحة الملكية، هذه الفئة التي تعيش ” فضيحة” إدارية ،بحيث من حارب إلى جانب المستعمر في الحروب العالمية يتقاضى معاشا مريحا ، ومن حارب على رمال الصحراء ومنهم أسرى الحرب لازالوا يتظاهرون بالشوارع يطالبون بالعيش الكريم، ويا للأسف انهم يتعرضون للتعنيف من طرف القوات العمومية،
وهذا كله كاف ان نعيد السؤال : فهل تعتبرون؟

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*