swiss replica watches
الفايسبوكيون ..قضاة بلا محاكم – سياسي

الفايسبوكيون ..قضاة بلا محاكم

فنجان بدون سكر:

الفايسبوكيون ..قضاة بلا محاكم
بقلم عبدالهادي بريويك

ما أن تطفو قضية مجتمعية وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل النار في الهشيم، حتى يظهر الفايسبوكيون على شكل قضاة بدون بدلة ولا قاعات محاكم..

يشرعون ويفتون ويصدرون احكاما في غياب تام لاستحضار القوانين وأحيانا يتم تغييب العقل والمنطق في تحليل الحادث والاحاطة بكل جوانبه. قضاة العاطفة بالفطرة؛ مما يخلق نوعا من الريبة والارتباك في وضع القضية أو الحادث في سياقها القانوني والطبيعي.
من الطبيعي نحن معشر الفايسبوكيون نتفاعل مع الاحداث بشكل يضع الحدث أو الحادث في صلب اهتمام الجهات المعنية؛ مدركين تمام الادراك أننا نقوم بدور ( التحياح) غير آبهين بالنتائج والعواقب؛ لكننا نسلط ضوء المنارة على السفينة الغارقة في مساعدة تامة للأجهزة المختصة للتعامل مع الحادث بنوع من الصرامة والحكمة ..لكن أن ننصب أنفسنا قضاة ونمتهن مهنة القضاء ونتقمص ادوار المحامي ( والمغرق ) في نفس الآن فهذا قد يعطي انطباعا على مدى حبنا لاعطاء الأحداث مجرياتها الطبيعية لكننا حتما نسقط في الاحكام العاطفية التي لن تقبلها المساطر القانونية ونساهم في ارتباك مجتمعي وحماس زائد قد يؤدي الى نعرة جاهلة وتحيز وظلم من خلال عدم ذرايتنا بهذا المجال القضائي الذي يحتوي على مدارك ومعارف علمية وبحثية تعود لذوي الاختصاص واهل المعرفة .

فمطالبة البعض منا بتبرئة فلان واعدام فلان ..والتشهير بفلان دون سابق معرفة فإننا بذلك نساهم في ارتكاب أخطاء بطريقة غير واعية ونرتكب ايضا جرما في حق المسالك القانونية والقضائية ..إذ لا نكتفي بدور التتبع لتفاصيل القضية بل نتعداها لننصب المشانق ونصدر احكاما قاسية في استغفال تام لدور القضاء وأهل الحل والعقد وهذا ما يزيد في خلق نوع من الغليان العاطفي وسط الاوساط الشعبية التي تعتبر احكامنا الفايسبوكية ؛ أحكاما جاهزة تدحض الحق في الراي المضاد والفكر المغاير انطلاقا من مستوانا الثقافي والاجتماعي والفكري وحتى العقائدي فنفرغ المعنى من المبنى ونتيه في ظلام دون أعمدة كهرباء ولا بصيص نور نتلمس منه تفاصيل الحقيقة التي هي من اختصاص الأجهزة الأمنية والقضائية التي نلتف حولها في حياتنا اليومية.
غير ذلك نصبح عبثيين؛ قضاة وهيئة دفاع دون توفرنا على الصفة القانونية لذلك ونحاول جاهدين أخذ مكانتنا المجتمعية وراء اجهزة الحاسوب وهواتفنا الذكية دونما حكمة ورصانة وتريث وذراية محكمة بما نحن بصدد الخوض في شأنه في قضايا مختلفة منها ما قد يمس الامن العام ويساهم في تهييج شرائح مجتمعية معينة بطريقة عشوائية أو مقصودة انطلاقا من العاطفة التي لا يقبلها القضاء في أدلته الدامغة على مستوى التبرئة او الادانة.
الى أي حد استطعنا من خلال التفاعل مع الاحداث التجرد من انتماءاتنا وتقاليدنا ونزعاتنا وتعصباتنا القبلية في استخدام الفايسبوك الذي اصبح قناة عالمية تلج كل البيوت بطريقة من التجرد وانتماء للكونية الانسانية؟ والى حد نحن نزهاء في الاطلاع والالمام بعوالم الفكر البشري والقضائي وغيرها من العلوم التي تقودنا الى الحقيقة بمعزل عن النرجسية القاتلة التي قد تساهم في تسميم الاجواء بطرق غير سليمة وموضوعية؟
إن تنصيب أنفسنا هيآت دفاع وقضاة واحيانا ( جلادين) يعني أننا أصبحنا في غنى تام عن تدريس بناتنا وأبناءنا القانون في الجامعات التي تسخر لها الدولة أموالا طائلة كما أن الدولة عليها اغلاق المحاكم وتسريح القضاة وطرد هيآت الدفاع من صالونات المحاكم ولا جدوى من الضابطة القضائية بمختلف مستوياتها من وجودها الحفاظ على النظام والأمن العام .
إنه الاحتكام للعقل والمنطق يا معشر الفايسبوكيين ، واحتكام للضمير الانساني والكوني من أجل إقرار عدالة اجتماعية وقضائية ما فتئنا ننادي بها في كل وقت وحين .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*