swiss replica watches
في المغرب: لي جا يقول ليك انا بغيت نكون مُعلِم،!! – سياسي

في المغرب: لي جا يقول ليك انا بغيت نكون مُعلِم،!!

 

بقلم سدي علي ماءالعينين ،

أكادير ،نونبر ،2021.

رغم أن الدولة المغربية تخصص 25 في المئة من ميزانيتها للتعليم، وتعيش «رؤية استراتيجية لإصلاح التعليم» بين 2015 و2030، فإن المغرب من بين «25 دولة من أقل البلدان نمواً من حيث التعليم» حسب معطيات اليونسكو.

كما أن المجلس الأعلى للحسابات ما فتئ يسلط الضوء على بعض أوجه القصور في النظام التعليمي، سواء كان ذلك بسبب نقص المعلمين، واكتظاظ الفصول الدراسية، أو على مستوى المناهج والبرامج التعليمية، أو من حيث تدني الخدمات والتجهيزات الضرورية للمدارس، لا سيما في العالم القروي
حسب تقرير النموذج التنموي الجديد ، بخصوص قطاع التعليم فقد سجل ضعف المؤشرات ( ثلثي التلاميذ لا يجيدون القراءة بعد الإبتدائي)، تفشي الهدر المدرسي(432000 بدون شواهد في 2018)
وكحلول يقترح التقرير، الإستثمار في تكوين وتحفيز المدرسين قصد جعلهم الضامنين لنجاح التعلمات،
وتقترح اللجنة تغييرا عميقا في مهنة التدريس عبر خطوتين :
– التحسين الجوهري لجودة تكوين المدرسين
– تصور مسار مهني جديد للمدرس يهدف إلى تقوية جاذبية هذه المهنة لدى الطلبة المتفوقين.
وفي حقيقة الأمر فإن واقع التعليم كوظيفة تخص شريحة واسعة من المغاربة، عرفت مسارات وحالات إستنزفت رصيد التعليم من العنصر البشري الذي كان مكانه الطبيعي هو القسم و التدريس وأداء الرسالة التربوية.
ما ساعرضه في هذا المقال سيعرضني لوابل من النقد قد يصل حد الشتم، لأنني أدرك ان بنية الواجهات المختلفة بالمغرب مكونة من رجال التعليم، وأن اي مساس بمصالحها يعرض صاحبها لكل أشكال التعنيف،
لكنني قررت المجازفة…
فرجل التعليم مكانه الطبيعي هو الفصل للتدريس، لكن ولأن فئة المدرسين كانت شرايين اليسار و قادة التوعية ببلادنا ،فقد تم تدجين فئة كبيرة منهم عبر إخراجهم من فصولهم لأداء أدوار أخرى مع الإحتفاظ بالإنتساب لأسرة التعليم ،
– وأولها التفرغ، والذي يتمتع به رجال تعليم ولجوا المؤسسات المنتخبة كرؤساء ،ليغادروا فصول الدراسة إلى غير رجعة.
وافتح قوسا لأذكر بعنوان بجريدة “” مشاهد ” التي كتبت عنوانا بصفحتها الأولى :” المعلم الذي عاد إلى قسمه “، وكان الأمر يتعلق آنذاك برئيس جماعة انزا ورئيس المجموعة الحضرية ،و نائب رئيس جماعة أكادير، و البرلماني عن إقليم اكادير اداوتنان ، الأخ عبد الله العروجي الذي عاد إلى قسمه بمدرسة ابن بطوطة بعد نهاية مهامه الإنتدابية
حالة من الحالات القليلة ببلادنا،
– تفرغ آخر يستنزف الرصيد البشري لقطاع التعليم وهو التفرغ النقابي ،حيث يكون الموظف مستفيدا من التفرغ النقابي عندما يبقى تابعا لإطاره بإدارته الأصلية وشاغلا لمنصبه المالي بها ويزاول مهامه بإحدى النقابات الأكثر تمثيلا. متمتعا بجميع حقوقه في الأجرة والترقية و التقاعد.

في الوقت الذي حاول فيه الوزير الأسبق الاستقلالي محمد الوفا فتح هذا الملف ونشر لائحة المستفيدين من “كوطا التفرغات النقابية” لعقود من الزمن، انتفض في وجهه مقربون ونقابيون وسياسيون، ولم يتم نشر اللائحة المعتقلة في دهاليز مديرية الموارد البشرية بالقطاع.

والتفرع النقابي مبدأ معمول به في جميع البلدان، وتنص عليه المواثيق الدولية ذات العلاقة بالشغل والعمل النقابي،
غير أن المثير في العملية أن من “المتفرغين النقابيين” من تفرغ لهاته المهمة لأكثر من 30 عاما، يتقاضى راتبه الشهري من ميزانية القطاع، ولا يؤدي أية خدمة لأبناء القطاع، بل الأدهى والأمر أنه يتفرغ داخل نقابته للقيام بمهام غير مهام التأطير النقابي بقطاع التعليم لنساءه ورجال في العديد من الجهات.
العشرات هم في وضعية إلحاق أو وضع رهن الاشارة بقطاعات التعليم العالي والداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والصناعة التقليدية والتعاون الوطني والأوقاف والشؤون الاسلامية والأسرة والتضامن…) أو جمعيات نسائية أو الهلال الأحمر المغربي أو جمعيات مدنية قريبة من السلطة أو مؤسسات منتخبة أو مصالح بالبرلمان (الموارد البشرية…
آفتان إنتهكتا وتنهكان الرصيد البشري لقطاع التعليم (بدون وجه حق)،
– آفة أخرى وهي حق مشروع تضررت منه أسرة التعليم وإستفاذ منها رجال ونساء التعليم تعبوا من المهنة، ويتعلق الأمر بالتقاعد النسبي الذي شجعته الدولة بإمتيازات في إحتساب التقاعد
وتشير المعطيات الصادرة عن مديرية الموارد البشرية بوزارة التربية الوطنية إلى أن عدد الأساتذة المحالين على التقاعد سنة 2019 يصل قرابة 54 بالمائة من مجموع المدرسين في المستويات التعليمية الثلاثة؛ الابتدائي والإعدادي والثانوي.
وتورد المصادر أن الفئة العمرية ما بين 51 و55 سنة تمثل 23.14 بالمائة من مجموع الموظفين، إلى جانب الفئة ما بين 56 و60 سنة بنسبة 16.34 بالمائة، وهي حصيلة تؤكد أن أزيد من 51 بالمائة من المُدرسين تجاوزون 51 سنة
– الآفة الأخرى التي لا يحب رجال التعليم ذكرها، تتعلق بقانون تغيير الإطار ،والذي افرغ الأقسام من المدرسين والمدرسات وأغرق إدارات مؤسسات التعليم بإداريين بلا مهمة ،تركوا التلاميذ عرضة للخصاص في مختلف المواد و استفادوا من قانون يحمي حقوقهم في الترقية على حساب اولاد الشعب.
في 2012، اتخذت اللجنة التقنية المكلفة بملف تغيير الإطار المكونة من وزارة التربية الوطنية والنقابات الخمس الأكثر تمثيلية قرارا يقضي بتمكين 6000 أستاذ بتغيير الاطار.
هنا سنفتح قوسا آخر لنذكر بما قامت به حكومة الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي حيث باشرت بداية، بإصلاح ورش منظومة التربية والتكوين، منها على الخصوص تحسين أوضاع رجال التعليم، وذلك بخلق ترقيات وترقيات استثنائية من أجل إلحاق هؤلاء بمراكزهم الإدارية المستحقة، وخاصة ترقية أولائك الذين جمدت ترقيتهم لعقود سواء بالأقدمية أو بالشواهد. حيث باشرت ترقية أكثر من 40 ألف من رجال التعليم وتم صرف مستحقاتهم.
– أم الآفات التي كسرت شوكة قطاع التعليم، مبادرة حكومة جطو ببدعة المغادرة الطوعية التي افرغت الوزارة من كفاءات قل مثيلها ورمت بالتلاميذ في دوامة الساعات الخصوصية التي ليس ابطالها سوى جزء من المستفيدين من المغادرة الطوعية.
فقد.أطلقت الحكومة المغربية، التي كان يرأسهاالتكنوقراطي، ادريس جطو، نهاية 2004، ورش إصلاح الإدارة العمومية تمثلت في إجراء غير مسبوق من ناحية الكرم المالي الذي صاحبها، أطلقت عليه تسمية “المغادرة الطوعية” هدف إلى تحفيز الموظفين على مغادرة وظائفهم قبل وصولهم سن الإحالة على المعاش، مقابل منحهم تحفيزات مالية جد مغرية إلى جانب ضمان حقهم في التقاعد الكامل؛ وبالتالي فإنهم سيرتاحون من تعب التردد اليومي على العمل، وهم في سن تمكنهم من الانخراط مجددًا في سوق الشغل ما داموا قادرين ولم يكملوا العقد السادس من أعمارهم .
كانت النتيجة مخيبة للمغاربة، باستثناء من استفادوا مادياً من العملية.

وقع تجفيف القطاعات الحكومية من خيرة الأطر والعناصر المدربة والمجربة وحدث نقص ما زال المغرب يعاني من تبعاته حتى الآن، وخاصة في مرافق خدمية أساسية للسكان مثل التعليم والصحة والتجهيز، بينما ظل الجهاز الإداري مثقلاً بصغار الموظفين المرتبين في السلالم الدنيا أي ضعيفي الأجور، كون تلك الفئة لم تجد مصلحة أو إغراء ماليًا يقنعها بجدوى مغادرة للعمل.
تجدر الإشارة الى أن قطاعي الصحة والتعليم يحتلان موقعا مهما بالنسبة للعدد الاجمالي للعاملين في الوظيفة العمومية، حيث ان قطاع التعليم بجميع أسلاكه يمثل وحده ما يزيد عن 50% من العاملين في الأسلاك الوظيفية العمومية وقد شكلت طلبات المغادرة الطوعية في القطاعين المذكورين حوالي الثلثين بين إجمالي الحالات المستفيدة.

بعد كل هذه الآفات، وكل هذه السياسات المجحفة في حق التلميذ، إلتجأت الدولة إلى التعاقد ، وإغلاق مراكز التكوين، و الدفع بمواطنين لإمتهان التدريس ليس حبا فيه ولكن لسد رمق العيش ،وهم يتذكرون آفة مدرسي سد الخصاص الذين عاشوا الويلات قبلهم،
ويبقى المتضرر الوحيد في منظومة التعليم هو التلميذ، و المتضرر في سلم المجتمع هم المتعاقدون.
اليوم نزل معد تقرير النموذج التنموي الجديد ،والوزير الحالي للتعليم بشروط لولوج سلك التعليم، منها الإنتقاء ورسالة التحفيز وولوج مراكز التكوين، وهو ما يتجاوب مع توصيات لجنة النموذج التنموي الجديد ،
لكن الجديد في الشروط والذي اسال كثيرا من مداد النقد يتعلق بسن ولوج التعليم لأقل من ثلاثين سنة.
هنا وجب التنبيه إلى أن قطاعات حكومية كثيرة تحدد سنا لولوجها يقل احيانا عن ثلاثين سنة، رغم ان مرسوم عبد الرحمن اليوسفي في حكومة التناوب جعله 45 سنة،
ولكن عندما يتعلق الأمر بالوظيفة بالتعليم تثار كل هذه الضجة.
في تقديري الشخصي، وبناء على معطيات منها ما سردته في هذا المقال ،فإن الحكومة مطالبة بالتمييز الإيجابي في سن ولوج الوظيفة بقطاع التعليم ،
فأنا مع التشبت بقرار ثلاثين سنة لولوج مهنة التدريس، لأن ذلك سيجلب شبابا ظلوا إلى الأمد القريب مرتبطين بمجال تخرجهم وسيقدمون قيمة هامة لمهنة المدرس.

عكس حاملي شهادات إنقطعوا عن عالم المعرفة بسبب البحث عن لقمة العيش، ليجدوا ضالتهم في التعاقد ، ويجدوا أنفسهم مدرسين لمواد دفنوها في سنوات بطالتهم ليكون الضحية هو التلميذ،
لذلك ادعوا إلى التمييز الإيجابي بإعتماد 45 سنة للمجتازين لإختبار المسؤوليات الإدارية ،لأن عامل السن يبقى مهما في التدبير الإداري ،مع ما يعنيه ذلك من توازن إضطراري بين إصلاح مسار المدرس، وبين محاربة البطالة.
نحن اليوم أمام نقاش صعب، و موقف عنيد، بين ان نوفر لفلذات اكبادنا اطرا مؤهلة لممارسة التعليم، وبين انانيتنا بأن نجد لأنفسنا فرصة شغل،
معادلة صعبة يغلب عليها منطق الأغلبية الخادعة من الشباب على حساب مصلحة الأغلبية البريئة من التلاميذ،
إننا أمام مفترق طرق، إما ان نؤمن ان الدولة تصلح ما افسدته سياساتها لعقود، و نؤمن انها تخوض معركة إصلاح،
او ان نتشبت بمسؤولية محاسبتها ورفض كل حلولها ” الترقيعية” كما نعتبرها، و نعاند خياراتها لأنها تستشرف مستقبل أجيال قادمة على حساب جيل اليوم الغارق في البطالة والعوز والحاجة، لأنه ضحية سياسات لا شعبية.
علينا أن نختار، بين حقنا اليوم بالشروط، وحق الأجيال القادمة التي تفرض علينا شروطها
فهل تعتبرون ؟
تحية خاصة ل 48٪ من رجال التعليم الذين يعانون بمختلف مناطق المغرب العميق، المنسي، والخزي والعار لدولة لا توفر لهم سبل التدريس وحقوق المواطنة وحوافز المهنة ،

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*