swiss replica watches
الجماع قبل الدفاع، والجنس مقابل النقط.. حاجز الصمت في طور الانكسار – سياسي

الجماع قبل الدفاع، والجنس مقابل النقط.. حاجز الصمت في طور الانكسار

 

حفصة بوطاهر

أخبار الفضائح تتوالي سنة بعد سنة، فما نكاد نستفيق من وقع فضيحة، حتى تفاجئنا غيرها، مرة يكون بطلها صحفي، ومرة محامي، ومرة أستاذ جامعي، وهكذا دواليك، وجولة واحدة في إحدى محاكم المملكة، كفيلة بأن تقنعك بأننا أمام ظاهرة جديدة قديمة
أما القديم فيها فهو التحرش والابتزاز والاغتصاب، وأما الجديد فهو جنوح الضحايا إلى كسر حاجز الصمت.

قديما كانت الفظاعات تطمر باسم الحشمة والعار والشرف، فيبقى المفترس حرا طليقا، بينما الضحية تتوارى عن الأنظار، أو تنتحر في صمت، أو تواجه العقاب من محيطها
أما حينما يتعلق الأمر باستغلال السلطة والنفوذ، فتلك مسألة أخرى، بعض مرضى النفوس من أصحاب السلط والنفوذ، يرون في النساء تحت سلطتهم فرائس سهلة، حيث يمكن أن يفرغوا نزواتهم ضامنين “الستر” في صمت الضحية، وقد يبطنون علاقة الابتزاز بالرضى المتبادل، لكنهم يدركون في قرارات أنفسهم أن الأمر إرغام مبطن بالرضى، فالضحية غالبا ما لا تملك اختيار الرفض، إلا بالتضحية بمستقبلها المهني، أو نقطها الجامعية، أو خسارة قضيتها أمام المحاكم، وهي تعرف سلفا أن الأمر متى خرج للعلن، فستتحول تلقائيا في عين المجتمع من ضحية إلى متهمة، وسيبحثون لها عن أي دليل بأنها هي من أرادت لنفسها تلك العلاقة الجنسية، وكل هذا مدعاة عند الكثيرات للصمت وتقبل الأمر الواقع.
قلت لكم سابقا أن الأمر قديم، وأن قصص الاغتصاب والابتزاز الجنسي والتحرش، تتكرر من مؤسسة إلى أخرى، من مدير نشر ضد صحفيات في جريدة، إلى مسير مطعم ضد نادلات، تختلف المستويات والثقافات، والنتيجة واحدة.
لكن واقع أن “الوقت تبدلات” ومنسوب الوعي ارتفع، دفع الكثيرات إلى المجاهرة بالوقائع، والاطمئنان إلى إنصاف العدالة.
وعلى ذكر العدالة، دعوني أذكركم بالصدمة التي تلقيناها جميعا، حين قرأنا في الأخبار أن نقيبا سابقا للمحامين متهم بالتحرش الجنسي والابتزاز والمشاركة في الخيانة الزوجية، ويتعلق الأمر بمحمد زيان…
نعم، إنه نفس الرجل الذي كان يرفع عقيرته أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بعد كل جلسة محاكمة لتوفيق بوعشرين، مطالبا بالعدالة، ومكررا أنها المحاكمة مجرد “خرايف جحا”
هذا الرجل اليوم يواجه تهما ثقيلة، ضحاياها موجودون، وليسوا من نسج الخيال، لا بل كنا ويا للأسف قد شاهدنا جزءا من مغامراته في شريط فيديو مع امرأة متزوجة، هي نفسها المرأة التي كانت موكلته في قضيتها ضد المديرية العامة للأمن الوطني، واليوم بعد الإعلان رسميا عن لائحة اتهامه، شاهدنا شهادة سيدة أخرى سعت إليه من أجل أن يرافع عنها، فوجدت نفسها تسقط في دوامة من محاولات الابتزاز والتحرش الجنسي، وهي اليوم تقاضيه أمام العدالة التي كانت ترجوها في مكتبه، وقد تظهر الأيام أسماء أخرى مع تقدم المحاكمة.
من المؤسف أن يكون النضال هو الكهف الذي يحتمي فيه المغتصبون والمتحرشون، فكلما ظهرت للعلن قضية أمام أحدهم، إلا وأنكر الأمر وادعى أنه يدفع ضريبة النضال، ولعلكم تتذكرون كيف صرخ “محمد زيان” وهو يخرج من المحكمة الابتدائية بالرباط بعد استدعائه ليقول ” فين هو ذهب طاطا… ردوا لينا فلوسنا” إنه نفس الخطاب يتكرر مرة تلو أخرى، فإيهام الشارع بأن الرجل بمحاكمته إنما يدفع فاتورة الدفاع عن حقوق أبناء الشعب، والحقيقة أنه يمرغ أياديه في أجساد بنات الشعب كلما سنحت أمامه الفرصة
سؤالي اليوم هو هل سيتجاوب زيان مع المتابعة وينور الرأي العام حول تفاصيل وصحة المنسوب إليه أم سيدخل مثل سابقيه، لعبة التسويف والتأجيل وتمطيط المحاكمة بطلب من دفاعه ثم يخرج متباكيا مشتكيا من غياب المحاكمة العادلة وإطالة أمد الجلسات رغم أن طلبات التأجيل تكون عادة من الطرف المتباكي.
وهو نفسه الأسلوب الذي كان يتبعه في دفاعه عن “توفيق بوعشرين” بل وحتى حين تعلق الأمر بقضية اغتصاب أخرى تورط فيها أحد أصدقاءه “المناضلين في الجماع” قام زيان بطلب التنازل من الضحية وتزويجها من مغتصبها لكنها رفضت
فعل ذلك لأنه يعلم أن الاغتصاب قائم، وأن الجريمة وقعت، وأنها ليست من نسج الخيال، ويعلم اليوم أن ما يواجهه واقع، وأنه تورط فيه، وأن كسر حاجز الصمت خذله، وحالة الإنكار المطلق للتهم والوقائع لن تفيده مطلقا، ويمكنه الاستفادة وأخذ العبرة ممن سبقه، لكن واقع الحال يقول أنه لن يفعل.
الأمر في حقيقته لا يتعلق بشخصية زيان ونضاله، فالمصيبة أعمق، إنه زمن تكسير حاجز الصمت، وإحقاق العدالة بغض النظر عن طبيعة الشخص المتهم، ولكم في فضيحة الجنس مقابل النقط التي عرفتها جامعة سطات خير عبرة.
هل تم اتهام كل أولئك الأساتذة لأنهم مناضلين؟ أو لأنهم يأدون دورهم بأمانة؟ لا…
الأمر مرتبط بثقافة سادت لعقود، واستمرت تحت جنح الستر، وأمن ممارسوها إلى أن الضحية أضعف من أن تتكلم و”تفضح نفسها” لكنهم نسوا أن الأمر إلى زوال، وأنه في الختام لا يصح إلا الصحيح.
وسيخرج من الناس من يقول أن فلانا لا يمكن أن يفعل كذا، وأن فلانا على خلق، وأن فلانا لا يؤذي ذبابة، في دفاع عن المغتصبين والمبتزين، ولكن هؤلاء المدافعين ينسون أنه حين يتعلق الأمر بالنزوات الجنسية، فإن الأمر يختلف
حين يكون المبتز أضعف من أن يتحكم في غرائزه ويحكم عقله، فإنه يسقط في أفعال إجرامية لا يمكن لأحد أن يتصور أنه يفعلها، لذلك نحن اليوم في حاجة إلى إرساء ثقافة جديدة، ثقافة تشجع البوح بالاعتداءات، وتحول فضاءات العمل والدراسة إلى فضاءات آمنة من الاعتداء.
والحقيقة أن هذه الثقافة بدئت في الظهور ولو بشكل محتشم، لكنها اليوم موجودة، وبفضلها تمكنت الكثيرات من ضحايا الاعتداء الجنسي من نيل قسط من العدالة.
وبما أن حواجز الصمت بدئت في السقوط، أريد أن أقول لمعشر المتحرشين… “شدوا الأحزمة”.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*