swiss replica watches
مجلس التعاون الخليجي والمغرب شراكة استراتيجية وموقف ثابت من القضية الوطنية – سياسي

مجلس التعاون الخليجي والمغرب شراكة استراتيجية وموقف ثابت من القضية الوطنية

 

د. إبراهيم اغلان

تأكيدا للمواقف السابقة لدول مجلس التعاون الخليجي إزاء قضيتنا الوطنية الأولى ” قضية الصحراء المغربية”، حرص البيان الختامي الصادر عن المجلس الأعلى لهذه المنظومة في دورته الثانية والأربعين 14 ديسمبر 2021 بالرياض، على أهمية ” الشراكة الإستراتيجية الخاصة بين مجلس التعاون والمملكة المغربية، وتنفيذ خطة العمل المشترك، وعلى مواقفه وقراراته الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء، والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها، مشيداً بقرار مجلس الأمن 2602 الصادر بتاريخ 29 اكتوبر 2021م، بشأن الصحراء المغربية”.
واضح من خلال هذه الفقرة الواردة في البيان المشار إليه المواقف الثابتة للأشقاء الخليجيين بشان مغربية الصحراء، وهي المواقف التي تعبر عن وعي مشترك بالتحديات والرهانات، ولعل الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس، أمام القمة المغربية الخليجية التي افتتحت يوم الأربعاء 20 أبريل 2016 بالرياض، كان صريحا وجريئا ومباشرا، حيث أشار إلى أن الشراكة المغربية الخليجية ” ليست وليدة مصالح ظرفية، أو حسابات عابرة.

وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير، ومن تطابق وجهات النظر، بخصوص قضايانا المشترك”، بل أكد على أن الصحراء المغربية ” كانت دائما قضية دول الخليج أيضا”، مذكرا بهذا الدعم الخليجي اللامشروط منذ المسيرة الخضراء سنة 1975، من خلال مشاركة وفود من السعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان والإمارات، ” ومنذ ذلك الو قت، لم تدخر دول الخليج أي جهد، من أجل نصرة قضيتنا العادلة، والدفاع عن سيادة المغرب على كامل أراضيه..” .
يشير البيان الختامي المذكور إلى أحد الثوابت في مواقف دول الخليج، وهو “الحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها”، وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه الخطاب الملكي المشار إليه، ” فالدفاع عن أمننا ليس فقط واجبا مشتركا، بل هو واحد لا يتجزأ.

فالمغرب يعتبر دائما أمن واستقرار دول الخليج العربي، من أمن المغرب. ما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم” . إنه تناغم واندماج ومواقف مشتركة جلية للعيان.
بهذا البيان، وبهذه الصيغة الموجزة والمركزة، لا أحد يمكن اليوم أن يشك في هذا البعد الاستراتيجي الذي تم هندسته منذ زمان بعيد، ذلك أن التجمع الخليجي، بالرغم من بعض الصدع الذي عرفته العلاقات الخليجية البينية مؤخرا، لا زال مؤثرا إقليميا ودوليا، بل شكل وسيشكل مستقبلا محورا مركزيا في العلاقات الدولية، حيث لم تعد هذه الدول الخليجية رهينة سياسات القوى العظمى وتوجيهاتها، كما قد يتصورها البعض، إنها قوى صاعدة، بفعل عوامل اقتصادية وسياسية واضحة.

إذا كان لكل دولة من هذه المنظومة مسارها الخاص واختياراتها الضاغطة في المشهد العالمي، فإن التوجه العام يؤشر على قوة هذا التجمع الفريد من نوعه مقارنة مع التجمعات الأخرى، وبالتالي فالاعتراف بمغربية الصحراء هو قرار استراتيجي لا رجعة فيه، وإلا كيف يمكن تفسير رسائل الشكر والتقدير التي بعثها العاهل المغربي الى كل ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي.

إنه انتصار دبلوماسي وسياسي للمغرب في هذا الظرف بالذات، حيث لم يتبقى للأعداء سوى اللعب على هامش المناورات البئيسة، كتقديم هبات مالية لعباس وقيس. وشتان بين الرهانين، بين من يراهن على قضية وطنية، يؤمن بها حتى النخاع، ومن يكافح من أجل محو قضية شعبه التواق الى التغيير.
إن البيان الختامي لدول مجلس التعاون هذا، هو سلسلة من المواقف المتواصلة لمنظومات دولية جديدة، ترى في المغرب مجالا للتعاون الحقيقي؛ وأفقا استراتيجيا أساسيا في السلم والعيش المشترك؛ ومحورا مركزيا نحو إفريقيا. لقد أدرك الخليجيون، ومنذ عقود من الزمن، أن المغرب ليس بلاد السياحة والإقامة المؤقتة، بل هو بلد التحديات والرهانات، وموطن مشترك لمن يحسن قراءة التاريخ والمستقبل.

أما من يربط مواقف الخليجيين اتجاه المغرب برؤى نمطية واختزالية، فتلك من علامات الجهل والتخلف.
كثير من المثقفين والإعلاميين هنا وهناك، يشككون دوما في عمق العلاقات الخليجية المغربية، لأسباب يعرفونها وحدهم، لكن ما يهمنا في نهاية المطاف، هو استمرارية الموقف الثابت من قبل الدول الخليجية برمتها إزاء قضيتنا الوطنية، وهو الموقف الذي نقدره أيما تقدير. أما من يبحث عن عزل المغرب من هذه المنظومة الخليجية، بافتعال الدفاع عن القضية الفلسطينية أو الارتماء في أحضان الفرس أو احتواء تونس نحو المجهول، فلن يجد ما يسره سوى أن يعزل ذاته إلى غير رجعة…
أذكر مرة أخرى، أن رسائل الشكر الملكية الى حكام دول مجلس التعاون الخليجي، كل باسمه وصفته، دليل على أن القضية الوطنية جزء لا يتجزأ من الشراكة الاستراتيجية التي لن ترضى بغير امن واستقرار المغرب ووحدته الترابية، ومن لا يدرك وضوح ورمزية هذه الاستراتيجية، فله المحو والنسيان.

د. إبراهيم اغلان

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*