أزمة السلطوية في التدبير الجامعي… أم أزمة المجتمع الأكاديمي؟!
🌺 الوعي الفكري
👇👇👇👇👇👇
📚أزمة السلطوية في التدبير الجامعي… أم أزمة المجتمع الأكاديمي📚
بقلم: بلاوشو.
👇👇👇👇👇👇
السلطوية الجامعية هي نمط للتدبير الإداري يتموقع بين الشمولية و الديمقراطية و يقبع راخياً ظلاله على الكلّ.
مشتقة لغوياً من السلطة لذا هي تنتهج خيار احتكار “مطلق السلطة” لكن بواجهة ديمقراطية و عملية شكلية للتداول تلغي في كنهها حرية الأفراد و أدوار المجتمع الأكاديمي.
فالسلطوية -في تصريف منهجها- تلغي الوضوح و الشفافية و تستعيض عنهما بالإلتباس و الضبابية التي ترخي بأستار الحجب و التعتيم عن الواقع و بنياته الإدارية والتنظيمية.
يقول الحق جل و علا في سورة البقرة: “و لولا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لفسدت الأرض”. صدق الله العظيم.
فالأصل في الوجود هو الاختلاف و التدافع و التباين و كلها تفاعلات اجتماعية و ثقافية وفكرية إيجابية و صحية للحياة الجامعية و حركية الانسان و المجتمع.
فالتماثل لا يولد إلا جموداً و انتكاسة و انتحاراً.
فالديمقراطية كأسلوب في التدبير والتسيير ينبني على التدافع و الحركية و التداول.
أما أنظمة الإدارة الشمولية و السلطوية ذات الطابع الشخصي فهي ذات طبيعة رجعية مَرَضِية كونها جامدة و منغلقة وتشكّل إعاقة في التقدم والإرتفاع.
إن أزمة السلطوية الجامعية تكمن أساساً في فراغ فكرها و تقديسها لصورتها و تأليهها للسلطة كوسيلة للقهر.
تتكلس و تتجوهر حول ذاتها و رؤيتها ومن خلال الكراسي وما تفرزه من فساد واستبداد.
ففي استعلائها لا تصغي سوى لصداها يتردد و لا تبصر سوى من منظورها الخاص لترمق صورتها وحيدة في المرآة حيث لا حيز وجودي للآخر. في مأزقها الوجودي هذا لا مناص من إلتحاف الكذب والتحايل و التدجين في التعامل اليومي وفي مقاربة القضايا الوظيفية.
هكذا وجب أن نفهم لماذا تحيز القرآن للاختلاف و الحوار و نبذ بقوة رموز الاستبداد و التماثل من أمثال فرعون و قارون و بُلْعُم ابن باعوراء، فمَا أكثر أبناء باعوراء على رأس المؤسسات الجامعية وما ينفثون من سموم في الجسد الجامعي من طلوع الشمس إلى ما بَعد بَعدَ غرُوبها وصولاً إلى منتصف الليل.
حين أخرج ميشال فوكو مقولته: ” حيثما توجد سلطة، توجد هناك مقاومة”، فالمفكر كان يَعني بالمقاومة -على الأرجح- حركية الأفراد والمجموعات و دورها في خلق حالة الردع و التوازن أمام ممارسات السلطة الإدارية المنحرفة بالنظر لاحتكارها لآليات القهر و القوة.
فإشكاليات العدالة و الحرية و الكرامة الجامعية و محاولة تغييبها قسراً عن الواقع الجامعي تكمن أصلاً في الإقصاء المقصود للفاعلين الأكاديميين الواعين ببنيات الواقع و المستوعبين لتعقيداته و دوره المحوري في التغيير.
فالمجتمع الجامعي هو مجتمع المكونات المؤطرة للإنسان وللمجال، مجتمع لا يتبلور بمعزل عن عمليات التفاعل القوي و التباين الحاد مع مواقع إصدار الأوامر والتعليمات.
و حين لا يتأتى ذلك، آنذاك نكون إزاء مكونات لمجتمع أكاديمي مستلب و ضعيف بأدوار شكلية و تبريرية و إزاء أجساد من المسؤولين على كراسي خشبية تحتكر السلطة بالمزاج وبمنهج العُقد النفسية وتصفية الحسابات وممارسة الفساد بكل أشكاله وأنواعه لِدَرجة أنها تكرس نفسها مصدراً وحيداً لِبِناء الحلول و للتنزيل طالما تؤمن بفوقية و عقيدة أن من يقبع أسفلها من الفاعلين غير مؤهلين و لم يبلغوا بعد درجة الرشد ومستوى مقبول من النضج.
طرحنا هذا لا يبرئ المجتمع الأكاديمي في ضعفه و سلبيته حين يقاد عن بعد و لا يتحرك باستقلالية في تدبير شؤونه و اتخاد قراراته أو حين تأتي الممارسات الرسمية متماهية مع إرادة السلطة المنحرفة و متناغمة معها عبر مواقف سلبية و تبريرية.
هكذا وجب أن نعي اليوم سياقات الجوائح من المسؤولين على رأس المؤسسات الجامعية (الفساد، التسلط، التحكم، الإفلات من العقاب، فيروس الريع، ….) و كيف تتعاطى السلطة المنحرفة مع حركات الإصلاح والتصحيح و هكذا علينا فهم محاولتها تمرير عُقَدِها ومخرجات غرائزها في شكل تعليمات وبلاغات ومذكرات غير ملائمة تماماً و في غفلة من الكل. فكيف و متى تنهزم الجوائح الحقيقية؟
تنهزم حين ننتصر على الترهيب و التضليل و التضخيم و التجهيل و على تغوُّل الأنا والنرجسية و الجشع و الوصولية والإسترزاق وشراء الذمم بالأدوات المهنية و حين ننتصر على خوفنا الفطامي من سيف رق -السلطوية و التسلط الشخصي- المصوب على رقاب الوعي و على الفكر الحر و الفعل المستقل. ستنهزم الجوائح حين نشفى من الأسقام النفسية الدفينة في ذهنية العمداء والمدراء و من المركبات الكامنة بهدوء و ارتياح في أعماق المخيلة و اللاوعي الجمعي لدَيهم.
يُتبَع.