swiss replica watches
د, خالد فتحي يكتب:  عنف الملاعب و الأسرة العرجاء – سياسي

د, خالد فتحي يكتب:  عنف الملاعب و الأسرة العرجاء

دخالد فتحي 
عنف الملاعب و الأسرة العرجاء
من غير الممكن أن تبقى على الحياد بخصوص ظاهرة العنف داخل الملاعب، فهي خطيرة جدا ، وتستنفر لدينا تحليلات عميقة لمعرفة الأسباب.
بطبيعة الحال، لايعني تفسير الظاهرة  تبريرا لها.
فهي مدانة  لانها تعبر عن  انحراف ، فالعنف لا يمكنه تحت اي مسوغ ان يشكل سلوكا مقبولا ، زد على ذلك أنه يعكس دائما  انهيارات كبرى في مكان ما ،  ولذلك يكون أضعف الإيمان  تجاه  هكذا سقوط ، هو  ان نلوذ بالشجاعة الأدبية ، و نتحلى بالصراحة ، لنعري عن الجذور العميقة لهذا الوجه من العنف . فتلك الخطوة الأولى الواجبة  لأجل دحضه ثم علاجه.
المؤكد أن  أكثرية هؤلاء  المخربين هم شباب فاقد للبوصلة،لا  يحوزون مرجعية توجههم، ولا يظهر لهم  أفق يضنون به على الضياع ،
من السهولة، ان نتحصن بتلك العبارات المسكوكة المألوفة،لنعزف النغمة السائدة المملولة،فنهرول كالعادة  لاتهام التعليم ، او لنعزي المسؤولية بتعابير فضفاضة لضمور دورالأسرة ، ولربما ، قد نفضل في هروب الى الأمام  ان ننحنى  باللائمة على دور الإعلام الرخيص ،ومسلسلات العنف والتقتيل.
كل هذه المروحة من الأسباب التقليدية مريحة لأنها  لاتطلب منا  بهد سردها سوى توجيه تلك المواعظ  التي نعرف جميعا،
 و في هذا الإطار، لاينبغي ان ننسى من يتطرف في النقد  ، فيوجه سهامه الى الدولة  ملتحفا رداء  الشعبوية،ليشهر على الملأ ان الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية هما  سبب  كل  هذا الانفلات الخطير . .
نعم، كل ماذكرته، هي عوامل وجيهة تتضافر مع بعضها ، لتفسير جانب من  هذا المنسوب المرتفع من الشراسة والعدوانية داخل الملاعب وفي محيطها.
ولكنها في الحقيقة تبقى تفسيرات عامة يمكن ان تنطبق على اي جمهور من جماهير الكرة في العالم ،مما يجعلها لا  تسعف في بذل تشخيص خاص بحالتنا نحن المغاربة  .
فمثل هذا المهمة تستدعي  منا أن  نحفر عميقا في تربتنا الاجتماعية تنقيبا عن أعطابنا الخاصة.
و لعلكم تتذكرون جميعا و  جيدا إضرابات التلاميذ إبان حكومة سعد الدين العثماني بسبب الساعة الإضافية،و خصوصا تلك الشعارات الساقطة التي  رفعت آنذاك، والتي تردد صداها في العالم مستقلة  وسائل التواصل الاجتماعي  …. ،شعارات، كانت  تتطلب منا حينها أن نضع كل انشغالاتنا  جانبا، وأن ننكب مباشرة على قرائتها ثقافيا واجتماعيا لاستخلاص المعاني الخطيرة التي كانت تنذر بها  ، ولكننا غضضنا الطرف، وفضلنا سياسة النعامة، الى ان جعل هذا  الإفلاس الأخلاقي يتحدانا،و يتكرر بقوة  هذه الأيام  أمام اعيننا  وبشكل آخر هو عنف الملاعب .
وهو ما اصبح يتهددنا بسقوط حر في اتجاه قاع القاع،إن اتسعت رقعته،و لم نجهد انفسنا في تشخيص أسبابه أولا، ووضع خطة  العلاج له  ثانيا.
 من الواضح ان العنف الذي تعبر عنه مباريات كرة القدم ليس سوى فائض طاقة فوضوية غير عقلانية ،يدل تصريفها بهذا الشكل  المضر  بالمجتمع ،على ان هؤلاء الشباب والأطفال المتورطين إنما  يعانون من خصاص مهول في   التأطير.والاحتواء، وانهم شباب ضائع  لم يخضع  لتنشئة مجدية،  فخرج عن الطوق نبتة منحرفة مائلة .
أليس كلنا يقر في لقاءاتنا ان الشباب وخصوصا منه الأطفال واليانعون قد تركوا وحيدين  لحال سبيلهم؟،و ان هذا الاهمال الذي يكاد يصير نهجا ،هو في عمقه نتيجة لتأثر شبابنا باستقالتين اثنثين ،أو بإقالتين اثنتين.
الأولى، همت  المثقفين الذين ابتعدوا عن  الفعل ،وفقدوا ايمانهم بانفسهم، و غزتهم الشكوك حول قدرتهم على احداث التغيير ،فتكيفوا  مع موجة التفاهة الغالبة ،ولم يعد يهمهم ان يقودوا أو يلهموا  المجتمع .
عد ان رأووا كيف كسدت انتاجاتهم، واستحالت بضاعة مزجاة بتوحش الاستهلاك، و طغيان الماديات ،وتشوه المفاهيم التي عاد ينظر لها ويصوغها لنا الآن التافهون على مواقع “الانحراف” الاجتماعي ،
أسألكم ،ماذا فعلنا إزاء روتيني اليومي الذي صار يمرغ الكرامة ويعدم القيم،ويقضي على تلك التقاليد الرائعة التي شكلت تميز المغاربة عبر التاريخ ؟ .لاشيء على الإطلاق،  بل أصبح بيننا من يعتبر  سوء الخلق ذاك من قويم الأخلاق، و ضربا من ضروب   حرية التعبير. فالانحراف حسب وعيه لما يأتي عبر الشاشات الإلكترونية هو  حداثة وتطور وحق من حقوق الانسان .
ان هذه البلادة العجيبة  هي التي تعجل بنشر كل هذا الإسفاف والابتذال والعنف الذي صرنا نكابده في الفضاء العام .
هذا، ولقد ادى تراجع المثقفين ايضا،
لتراجع  الأحزاب التي  اضمحل دورها في تأطير الشباب،  الى درجة انها أصبحت  بدورها متفرجة بدون مشروع مجتمعي وبدون اقتراحات .مما يفتح الطريق فسيحا أمام الفوضى وحالة العماه المجتمعية  التي ليس عنف  الملاعب إلا أحد تجلياتها وبداياتها.
 لقد ادت استقالة المثقفين الى  تشوه فهمنا لكل شيء:  للحرية،للنضال،للاحتجاج ،لطرق تحقيق الذات ، للرياضة، لمعنى البطولة، والتميز ، والتفوق .
بل و تنصبت  فوق ذلك في مجتمعاتنا مجموعات ضغط  ريعية  من غير المثقفين ممن  تنصب المشانق الفكرية لكل من يتصدى لمهمة التصحيح.و هكذا وبفقداننا التدريجي للأسلحة الحامية التي يعول عليها ،وتهاوي تحصيناتنا المنيعة، لم نعد ننتبه لما يبلعه أطفالنا على مواقع “الانحراف” الاجتماعي ،حتى اذا افقنا على كل هذا  الانحدار ، وجدنا انفسنا قد فقدنا قدرتنا على معاكسة التيار المائع الفوضوي المستقوي بالشعارات الحقوقية المحرفة المنمطة التي صارت تهدم مقومات الشخصية المغربيةبتوظيف  فهم خاطئ للكونية .  ولأننا قد عدنا نهبا للتفاهة والخواء باسم الحرية ،فقد صنعنا جيلا  منحرفا جانحا فاسدا  ،
ولي أن أسأل ،كيف لنا ان نطالب المدرسة بضخ القيم، ونحن ندافع عن حق وسائل التواصل الاجتماعي في هدم نفس تلك القيم ياسم حرية التعبير؟؟؟ .
كيف نقبل ان يكون
 التافهون قدوة لأبنائنا؟ ،بل وعرضنا فوق ذلك  القدوات الحقيقية  للتنمر والسخرية والتبخيس؟؟ .
لقد غابت من محيطنا النقاشات التي تميز  عادة المجتمعات الجادة الطامحة للتطور والرقي ، قكان ان حلت مكانها هذه  الاصطدامات وهذا العنف المادي الذي نشكو منه .
 تلك الاستقالة الأولى اما  الثانية ،التي ننكرها جماعة ، ونعترف بها فرادى  في قرارة أنفسنا ،فقد ادت للغياب الممنهج  للأب، الذي  تمت عمليا اقالته بسبب تنامي معدل الطلاق والتفكك المريع للأسر المغربية الذي يفصل الآباء بالخصوص عن متابعة احوال ابنائهم وبناتهم .ولذلك ليس صدفة ان نرى ان الأمهات المسكينات هن من يؤازرن ابنائهن الجانحين في المحن التي تتلو الشغب . فالاسرة المغربية صارت الان تقف على رجل واحدة بسبب هذا الامعان في مساطر الطلاق التي بلغت مستويات قياسية دون أن نهب لإيقاف النزيف .
لم يعد الطفل ينشأ في ظل حضور  الأب وصرامته، ولذلك لم يعد يتهيب القانون ولا سلطة رجل الأمن الذي يقر النظام .اننا نعاني الان من نتائج  الأسرة العرجاء التي تقف على رجل واحدة .
لم يعد أطفالنا يتربون في كنف  تلك الثنائية التي تفرضها الفطرة الإنسانية التي تقتضي مده بالحنان الوارف الذي تبذله له  الأم، و إحاطته وصهره بالحزم الذي يطبع عادة  الأبوة .
ولذلك صرنا اليوم  أمام أطفال وشباب كثر مدللين تتستر عليهم امهاتهم، ولا يعلم اباؤهم بأحوالهم ، شباب غير مؤهل للانضباط للقواعد الاجتماعية والسلوكية…. شباب يعتقد ان كل شيء مباح له، فكونه قد أمن العقاب داخل الأسرة جعله يعتقد ان لاوجود لأي عقاب  .
هذا الهجوم على الأسرة  المتشبعة بالقيم التقليدية التي من ضمنها احترام الصغير للكبير، والحياء، والحشمة، وهذا الإفراط في قدح  “الذكورية” الذي يصم آذننا كل يوم  لأجل التمكين للأسرة “الحداثية”، هو في النهاية مجرد  توظيف للمصطلحات  لأجل تحقيق اذعان المجتمع لنموذج  أسري  غريب كان من  اهم نتائجه حرب الكل ضد الكل، واحتدام  الصراع بين افراد الاسرة، و بعد ذلك عنف الفضاء العام ، بينما لا وجود  في الواقع   لأسرة تقليدية وغير تقليدية . هناك فقط أسرة طبيعية تنجب لك جيلا سويا،  وأسرة غير طبيعية تنجب لك شعارات رنانة وجذابة  ولكنها تبتليك بجيل منحرف غافل، وعنيف .
وعندما تنتفي هذه  الأسرة الطبيعية، فإن الذي يغيب  فيها ليس الذكورية بل الأبوة.
وعندما تغيب  هذه الوظيفة التي لايستوي النشئ الصالح الا بها  في تماهى مع وظيفة  الأمومةطبعا ،يكون ذلك مدمرا للمجتمع .
غياب الأب او تغيببه له تكلفة اجتماعية واقتصادية ونفسية باهظة جدا   .تكلفة قد  ندفعها من  أمننا واستقرارنا ،وربما  من مستقبلنا.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*