swiss replica watches
معضلة اليسار كامنة أساسا في أزمة اليساريين ذاتهم – سياسي

معضلة اليسار كامنة أساسا في أزمة اليساريين ذاتهم

عبد السلام المساوي
اليسار الذي اقتات المحافظون الدينيون من الفراغات التي تركها خلفه ومن حوله ، دون أن يقدروا على طرح أسئلته الجوهرية، ما زال مؤمنا بأن المستقبل قابل للتدارك ، ولذلك نراه يسعى لاستعادة المبادرة ، لأنه يعرف أن هذا قدره ، وأن استعادة توازن ميزان القوى في المجتمع واجبه الذي لا مفر منه….
منذ سنوات لم يعد بإمكان اليسار أن يكون قوة انتخابية قوية ، ليس فقط في أنه لم ينجح يوما في أن يستقطب اليه الفلاحين والعمال والطلبة كما تقول الأغنية القديمة ، ولا لأن الطبقة الوسطى التي توصف ب ” عاهرة الطبقات ” مستعدة لأن تنقلب عليه وترافق أول عابر في السياسة ، هو لم يعد انتخابيا لأن الزمن ككل لم يعد زمنه ، منذ ان صار الاسلاميون والتقنوقراط والأعيان الزبائن المفضلين لكراسي السلط والتمثيلية…
الشامتون في حاضر اليسار والناقمون على ماضيه
لم يعش اليسار يوما الا مسلحا بالشارع ، حتى ان كل الذاكرة اليسارية لما تريد تمجيد ماضيها لا تقف الا عند تواريخ من قبيل 1965 ، 1981 ، 1984 ، 1991 ….ولم يوما ممكنا ذكر اليسار دون أن يكون مرفوقا بالاضرابات والاحتجاجات والتعبير عن نبض الشارع …
ويوم اغتيل اليسار وتخلى عن الشارع ، استوطنته جحافل الاسلاميين والعدميين الذين لا لون سياسي ولا ايديولوجي لهم….الذين لا يهمهم المغرب ولا شباب المغرب…
وهنا كل الحكاية ومكمن الداء الذي يسعى بعض من اليسار ، وفي طليعته الاتحاد الاشتراكي ، علاجه ، وليس أمامه من خيار اخر غير رفع راية النجاح في وجه الشامتين في حاضره والناقمين على ماضيه .
بعيدا عن جدل التبريرات الانهزامية والمواقف العدمية التي تجتر أطروحة ” احتضار ” اليسار ،بما هو خيار تقدمي ، ومسار مجتمعي ، نهضوي مرتبط بمطالب وتطلعات الفئات الشعبية الواسعة الى الديموقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية ؛ فان معضلة اليسار كامنة أساسا في أزمة اليساريين ذاتهم الذين انعزلوا عن ديناميات الحركية المجتمعية ، واختزلوا الانتماء اليساري في ترديد الشعار واصدار ” الفتاوى ” اليسارية ، بدل النهوض الفعلي ، العملي ، بمشروعه المجتمعي ، بمقوماته المترابطة عضويا ؛ الفكرية والجماهيرية والنضالية .
ما عاد أحد يجادل في أن اليسار بجميع خياراته وتموقعاته ، اذا ما تركنا خطابات التمجيد النابعة حكما من الحاجة المستديمة ” للصنمية التنظيمية ” ، ليس أمامه الا الدفاع عن الوجود في حده الأدنى .

وهذا الواقع المتدني في حده الأقصى ، والذي أحد تمظهراته التحديات الانتخابية ، يستوجب طرح السؤال الصادم ، والذي يتم الهروب منه : الى متى سيستمر هذا الحال الدفاعي المتدني الأقصى ، أمام هول فقدان الثقة العدمي في كل المؤسسات ( حزبية ودولتية ) لدى جمهور الشارع اليوم وغدا ، وامام مجاهيله الكبرى !
ولو ان الجميع اجاب أحزابا ومناضلين ، عن هذا السؤال ، وبصدق مع الذات ، وبلا مكابرة ولا استخفاف بالاخر ، وخصوصا بلا رتابة ذهنية مطمئنة لنفسها ، لا تستشعر هول ما نحن أمامه من مجاهيل ، فاننا سنصل لا محالة الى الجواب الوحيد القادر على اخراج اليسار من دوامة انحباساته ، وذلك بالشروع في ترتيب مبادرة نهضوية توحيدية كبرى ، غير معتادة ، تقوم على أساس :
مراجعة نقدية تركيبية للتاريخ النضالي المشترك لليسار ، بمكاسبه وخساراته ، ومع وضع كل مواقفه المتناقضة في زمنيتها المجتمعية النسبية.
وعلى هيكلة تحافظ على تفاعل تنوع الرأي فيها ، أي مع الوعي الضروري بترتيب الخلافات الراهنة بقدر أهميتها واولوياتها مع الحاجيات الاجتماعية في الساحة الجماهيرية .
وبالتلازم مع الوعي الضروري أيضا بأن المهمة المركزية في الزمن المنظور على الأقل ، ولا سواها ، هي اعادة بناء قواعد اليسار الاجتماعية والجماهيرية ، أولا واخيرا .
والقاعدة الحاكمة في جميع ما سبق ، ان من لا يستطيع كسب الاغلبية داخل الهيكلة الموحدة المفترضة ، فهو عاجز بالأحرى على أن يكسب لأطروحته الأغلبية الشعبية .
فكثير من الصبر والتأني اذن ، استخلاصا من تسرعات جرت في الماضي ، ومن أجل بناء هذا المشروع النهضوي الوحدوي الكبير ، الذي وحده يمكن ان يستشعر الجماهير بتغير نوعي لدى اليسار ، ووحده يساعد على تنمية الثقة فيها ….من هنا نفهم دينامية المصالحة ، الوحدة والانفتاح التي انخرط فيها الاتحاد الاشتراكي ….
ازاء ما ألم بمكونات الحقل الحزبي ببلادنا من وهن وتراخ في الاضطلاع بواجباتها الدستورية ، وفي القيام الفعال بمهامها السياسية والنضالية ، فان بلادنا امست في أمس الحاجة الى ارساء قطب سياسي ، حزبي ، جماهيري ، حداثي ، تقدمي ، قادر على تجسير الفجوة المتفاقمة بين الطبقة السياسية ، الحزبية المنكفئة ، والقوى الشعبية المتحفزة ، من جهة اولى ، وعلى تأمين التجاوب الفعال مع الحاجات الأساسية والترقبات المشروعة للشعب من جهة ثانية ، وعلى استشراف أفق جديد ، وابتكار مقاربات مستجدة ، ومناهج مستحدثة للتأطير السياسي للمجتمع ، وتعبئة قواه الحية ، لمواصلة مسيرة التغيير والتحديث والتنمية من جهة ثالثة .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*