swiss replica watches
د، حميد المرزوقي يكتب: فرنسا الكولونيالية لا تجد نفسها إلا في جبة المستعمر المخطط الآمر الناهي – سياسي

د، حميد المرزوقي يكتب: فرنسا الكولونيالية لا تجد نفسها إلا في جبة المستعمر المخطط الآمر الناهي

د.حميد المرزوقي

عاشت فرنسا قرابة ثلاثة قرون منذ القرن السابع عشر، وهي تلعب دورا محوريا في المد الاستعماري الأوربي اتجاه أفريقيا والشرق الأوسط والشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا، وهي بذلك كانت مستعمراتها تتوزع على كل ربوع العالم محاكية في ذلك إنجلترا التي كانت امبراطوريتها الاستعمارية لا تغيب عنها الشمس، وانطلاقا من خمسينات القرن الماضي وبعد أن وضعت الحرب العالمية اوزارها انتقل العالم من “الاستعمار الكلاسيكي” إلى “الاستعمار الاقتصادي” ، لأن الدول الاستعمارية أدركت أن النظام الكولنيالي القديم جد مكلف يقتضي احتلال الأرض لاستغلال الثروات التي تزخر بها البلاد المستعمرة، وهو ما يتطلب تسخير جيوش جرارة وترسانة ضخمة من الأسلحة وكل هذا يتطلب إنفاقا حربيا كبيرا، لذلك انتقل النظام الاستعماري من الاستعمار المباشر إلى استعمار غير مباشر تطلب انسحاب الجيوش وتغيير الأعلام واعلان استقلال البلدان المستعمرة وإعلان انضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة كأعضاء ذات سيادة تتمتع بصوت في جمعيتها العامة، لكن دون أن ننسى تشكيلة ومهام وادوار مجلس الأمن ضمن ما أسماه فقهاء القانون الدولي نظام الأمن الجماعي، لذلك كانت المرحلة الإنتقالية بين الاستعمار المباشر والاستعمار الاقتصادي ناجحة بامتياز بل صاحبتها موجة احتفالية عارمة خيمت عليها مشاعر الانتصار والتحرر من ربقة الاستعمار، بشكل جعل الشعوب المستقلة المغلوبة على أمرها تتغافل انها دخلت في مرحلة استعمارية جديدة، تقوم على توطين الشركات الفلاحية التحويلية والصناعية التي تعمل جلها في معالجة الثروات المعدنية قبل تصديرها كالفوسفاط والمنغنيز والحديد والرصاص والبترول والغاز الطبيعي والقائمة طويلة، وكم كانت فرحة قادة وحكام الدول المستقلة بإقامة هذه المصانع لانهم كانوا يعتبرونها وسيلة لتنمية بلدانهم وتصنيعها بهذف تنميتها واخراجها من التخلف، حيث ما زلنا نتذكر الخطابات المجلجلة لقادة تلك الدول التي بالغت احيانا في وصف منجزاتها العملاقة التي ستنقلها إلى مصاف الدول المتقدمة كما حدث في مجموعة دول عدم الانحياز، وماكادت ستينيات القرن الماضي أن تنتهي حتى أدركت الدول الاستعمارية أن النمط الكولنيالي الاقتصادي هو أيضا مكلف ويتطلب استثمارات ضخمة، فابتدعت نمطا كولينياليا جديدا يتمثل في “الاستعمار المالي” الذي غطى سبعينات القرن الماضي حتى منتصف ثمانينياته حيث اغرقت جل الدول الثالثية بالديون لدرجة أن عددا كبيرا منها انهار اقتصادها كاتيوبيا مصر والسودان والمكسيك والبرازيل والشيلي في حين فرض صندوق النقد الدولي إجراءات اقتصاديةتقويمية هيكلية على البعض الآخر منها كالمغرب، وقبيل نهاية الثمانينات ونظرا للخسائر التي تكبدتها الدول الكولونيالية الجديدة ابتدعت نمطا استعماريا جديدا يتمثل في بيع التكنولوجيا وهو ما أسماه الاقتصاديون انذاك “بالاستعمار التكنولوجي” “latéchnocolonialisation” حيث يقوم هذا النمط الاستعماري الجديد على امتلاك التكنلوجيا وبيعها للدول الناقصة النمو المستعمرة سابقا مقابل استيراد المواد الأولية منها وبالأخص البترول والغاز والفوسفاط، وبعض المواد النصف مصنعة كالفسفور ، وقد هيمن هذا النمط طيلة تسعينيات القرن الماضي ومازال قائما إلى الآن، لكن بدخول الألفية الثالثة عرف النظام الاستعماري العالمي تحولا كبيرا وطفرة نوعية إذ انتقل في 11 سبتمبر 2001 بعد انهيار برجي التجارة العالمي في نيويورك إثر الهجومات عليها بطائرات مدنية من طرف تنظيم القاعدة، إلى نمط جديد أسماه عالم المستقبليات المغربي الراحل المهدي المنجرة بالاستعمار الشمولي “الماكروكولينالية” la macrocolonialisation ” الذي يمتد إلى الآن، يقوم على الجمع بين كل الأنماط الاستعمارية السابقة : الاستعمار الكلاسيكي، الاستعمار الاقتصادي، والاستعمارالمالي، والاستعمار التكنولوجي ،وقد انطلق هذا النمط لأول مرة في أفغانستان والعراق فيما بعد في ليبيا ويتجلى هذا النمط في استعمار مباشر واقتصادي ومالي وتكنلوجي في نفس الوقت على شكل كرنفال استعماري تختلط فيه الضربات الجوية والقصف المكثف من كل الاتجاهات أرضية وجوية وبحرية واستغلال اقتصادي وتكنلوجي إضافة إلى اغراق الدولة المستعمر بالديون، في هذه الظروف الدولية المعقدة التي عرفت كل هذه التحولات الاقتصادية والمالية والتكنلوجية تحاول فرنسا بوصفها دولة استعمارية قديمة وإسوة بالولايات المتحدة الأمريكية أن تحرك خيوط علاقاتها الاستعمارية القديمة واخضاعها لمنطق النمط الاستعماري الجديد في إفريقيا وبالأخص في دول شمال إفريقيا لذلك فهي تحاول أن ترتدي من جديد جبتها الاستعمارية وتحريك لعبة العصا والجزرة في حق الدول المغاربيةحيث بدأنا نرى بوضوح أول فصولها في إعطاء الجزرة الأولى المتمثلة في رفع قيود تأشيرة الدخول الى فرنسا لتونس نظير قيامها باستقبال زعيم مرتزقة البوليساريو ونصف جزرة للجزائر لخضوعها لأوامر الرئيس الفرنسي ماكرون القاضية باحترام بنود اتفاقية إفيان القاضية بتزويد فرنسا بالغاز لسد حاجياتها مقابل السكوت على ما يقوم به النظام العسكري من جرائم وخروقات، في نفس الوقت التلويح باستعمال اسلوب العصا في حق المغرب عن طريق تحريك ملفاتها الاستخباراتية في حق شخصيات مغربية بالاضافة الى الإبقاء على عقوبة التأشيرات قائمة لتركيع المغرب وارغامه الانصياع لاملاءاتها.

د.حميد المرزوقي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*