swiss replica watches
فتح الله لمغاري …” والله إلا أنت معانا “ – سياسي

فتح الله لمغاري …” والله إلا أنت معانا “

فتح الله لمغاري …” والله إلا أنت معانا “
عبد السلام المساوي
اسم فني كبير ينضاف لدفتر الفقدان والعزاء الكبير …
فتح الله لمغاري يرحل …
تتعدد أوجه التأبين والنعي ، لكن الكل يجمع على أن الراحل فتح الله لمغارب كان فنانا كبيرا ، وكانت عنوانا للفرح المغربي وللأمل رغم قسوة ظروف الحياة أحيانا.
ولقد كان كذلك في حياته وفنه ، أليس هو الذي أبدع أشهر شعار لهذا الأمل والتفاؤل في احدى أغانيه المشهورة ” الله على راحة الله “…
غنى للحب وللعشق ولرجال الله ، وللوطن في زمن المسيرة الخضراء ” صوت الحسن ينادي ” .
كان في أغانيه عنوانا لمغرب التعدد والتسامح بروافده المتنوعة …
ورغم مرور السنين ، حافظ رصيده الفني الغنائي على صيته وتوهجه في الساحة الفنية المغربية ، حيث انه غنى له كبار الفنانين والفنانات..
كان فنانا كبيرا وسيظل كذلك في وجدان المغاربة وذاكرتهم على نهج كبار فناني المغرب الغني بتراثه الموسيقي والغنائي ، العيطة ، الأندلسي ، الملحون ، الأمازيغي ، الريفي ، التراث الغنائي اليهودي ، الموسيقى الكناوية …وغيرها من ألوان وأشكال موسيقية تكون الذائقة الفنية المغربية المتعددة عميقة الجذور والمنفتحة على كل أشكال وألوان الموسيقى العالمية …
فتح الله لمغاري…ونحن أطفال …ونحن صغار …في الستينيات والسبعينيات …عشقناك …احببناك …انشودة طفولتنا كنت …نغم حياتنا كنت …كنت وستبقى …فأنت الخلود…
أحببنا الأغنية المغربية منك ومعك كلمات ولحنا وغناء …
منك تعلمنا معنى الجمال …معنى تمغربيت … البساطة والإبداع…
كنت فنانا مختلفا …فنانا محبوبا …كنت صاحب المتعة…سيد الأغنية المغربية ….
وفي البدء كانت الكلمة ، كلمة اقرأ ، كلمة أكتب ، كلمة فتح الله لمغاري…قرأت وكتبت ، كتبت وأبدعت ؛ أنت مفرد بصيغة الجمع : أنت الكاتب والملحن والمغني ، انت من ألهم كبار الفنانات والفنانين ؛ من منا لا تطربه أغنية ” مغيارة ” للطيفة رأفت ، و ” في قلبي جرح قديم ” لعبد الهادي بلخياط ، الأغنية التي أعجب بها عبد الحليم حافظ حين استمع إليها في ذات زيارة للمغرب …. أنت ولا أحد غيرك ؛ أنت الحياة بروح الوجود …أنت اللحن والنغم …أنت الكلمة …أنت فتح الله لمغاري والبقية تأثيث…
فتح الله لا يموت …الفنانون لا يموتون…المبدعون لا يموتون ….لمغاري لا يموت … لا يموت من أبدع وغنى ” والله ما انت معانا ” ، ” الله على راحة ” ، ” رجال الله ” …لن يموت صاحب ” ضاعت لي نوارة ” ، محال ينساك البال ” ، ” كأس البلار ” ….
نعم لم تمت ولكن ساهمت في اقتلاع الموت والقبح من وطننا …ساهمت في اسماع صوت الانسان المغربي … الحرية والابداع …ساهمت في تأسيس الأغنية المغربية ، كتبت ولحنت وغنيت….
أمثالك لا يموتون …احياء في الكلمة بل الكلمة حية بهم …أحياء في اللحن …أحياء في الطرب ….أحياء في فرحة المغاربة …
ترحل بيولوجيا لتفرض حضورا اقوى …فانت الحضور ، بالامس واليوم وغدا …
وجودك كان له معنى …لم تأت إلى هذا العالم زائرا …لم تكن مؤقتا …بل أتيت فاعلا وخالدا …انك مبدع…انك فنان… مغربي اصيل …انك فتح الله لمغاري …
” والله إلا أنت معانا ”
اعلم انك اختفيت ولكنك لم تمت
هل نبكيك ؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا ….لا …لن نبكيك لانك لم تنته بل بدأت …كنت البداية دائما …ستستمر …ستخلد…ستستمر في كل من يؤمن بالكلمة …في كل من عرف انك كنت تزرع الابداع وتزرع الجمال ….وتزرع حب الانسان …تزرع حب الحياة …
آه كم كنت تعشق الحياة وتعشق الليالي الضاحكات …
اليوم يتعطل البكاء … لا نودعك ونبكيك ، بل نقدر ونعتبر الخسارة الكبرى التي لحقت الابداع ….الخسارة التي لحقت الأغنية المغربية ..
” والله إلا انت معانا ”
اعرف انك قد اختفيت ولكنك لم تمت
نعم لم ولن تموت …تغنيت بالحياة …تغنيت بالجمال وعلمته لنا اغنية حلوة وجميلة … ” رجال الله ” ….
” والله إلا أنت معانا ”
اعلم انك اختفيت لكنك لم تمت
مسار مكتوب بالإبداع والعشق …. لكنه موشوم بالابتسامة والتفاؤل …كنت تعشق الكلمة …تعشق الحياة …انك فتح الله لمغاري …
” والله إلا أنت معانا ”
اعلم انك قد اختفيت لكنك لم تمت
كلمة واحدة في حقك أيها الفنان المغربي واصير ملقحا ضد كل نزلات الرداءة والقبح…فالفنان انت والبساطة فيك …والإبداع ولد معك…انك وطني مخلص …انك مبدع اصيل…يكفيك أنك من أطربنا ب ” نداء الحسن ” ..
” والله إلا أنت معانا ”
اعلم انك قد اختفيت لكنك لم تمت
“ما هموني غير الفنانين إلا ضاعوا …”
واخيرا ترحل ، ترحل عنا ، ترحل فجأة …لن نبكيك …فانت علمتنا ” الله على راحة الله ” ….علمتنا كيف نحيا …علمتنا الفرحة والغناء…
لقد حدث ما كان حتما سيحدث …وما كان مأمولا أن يتأخر حدوثه…حدث أليوم ، أن فتح الله لمغاري، افرغ آخر ما استطاع من نفس ، ليسلم انفاس الفنان العزيز لفضاءات التاريخ الرحبة والعطرة بأريج انبعاث النيات المخصبة لمشاتل ، تولد الشمس في مستقبل الأغنية المغربية…
” والله إلا أنت معانا ”
أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت …
اللحن يبكي …
الكلمة تبكي…
الانسان يبكي…
عشاق الحياة يبكون عزيزهم …يبكون حبيبهم …يبكون فنانا رضع الأغنية في معبد المبدعين …
كان كريما ومات كريما…
كان مبدعا …أصيلا متأصلا…
السلام عليك يوم ولدت …والسلام عليك يوم رحلت …والسلام عليك يوم تبعث حيا نظيفا…
ومات فتح الله لمغاري …وتيتمت الكلمة وتيتم الجمال وتيتم الغناء ” أرجال الله “…
كنت معنا دومًا وستظل معنا دائمًا.
لن نتركك تغادر، فأنت في بؤرة وجودنا.
لا أريد أن أتذكر،
لأنني لا أريد أن أنسى
ولا أريد أن أنسى
لأن الوجود أبقى
حتى في الغياب.
فتح الله صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات
الضيقة والفسيحة
وجود في الكلمات
وجود في الأغاني
” الله على راحة الله …”
فتح الله لمغاري الأبداعات التي كثيرًا ما أثارت فضول تساؤلات عميقة
هو وحده يملك كيمياء الربط بين الكلمة واللحن والغناء…
كما يراه
كما يتمناه
كما يعمل من أجله
بكل وقواه
وبين تلك الإبداعات
الكثيرة في لحظات
حساسة من حزننا
المشترك
لن أقول وداعًا فتح الله
لأنك لا تودع
أنت ترحب دومًا
أنت لا تودع أبدًا
أنت باق هنا فتح الله
أنت في بؤرة وجودنا
جميعًا
في بؤرة غنائنا
في قلب كل مغربي
في قلب كل صغير أصبح شيخا
وفي قلب كل حبيب
أنت باق فتح الله
فنانا
كما كنت فنانا
مبدعا كما كنت
ملهما كما كنت
ولم تبرح
أنت هنا
وانت اليوم لم تفعل الا أن حلقت الى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن ، وهي التي تصون ، برفق وفرح ، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم اليأس والقبح ويراوغ المطبات …ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالفرحة لمواطنيه…
فتح الله لمغاري ممتد في المشترك المديد والعميق بيننا…
فتح الله لمغاري..سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له ، وقد بذلت من أجل اسعاد أبنائه وبناته الكثير من الجهد بكفاءة ابداعية …لذلك لن تذهب بعيدا تحت التراب ، لأنك ستذهب فوق التراب ….
بوفاة فتح الله لمغاري، يكون المغرب الإنساني والإبداعي والغنائي، قد فقد إنسانا نادرا واستثنائيا، وكاتبا كبيرا، ومبدعا رفيعا وصادقا، وصديقا وفيا للشعب المغربي، بمختلف شرائحه الثقافية الاجتماعية، وأحدا ممن خدموا الأغنية المغربية كلمة ولحنا وغناء….

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*