swiss replica watches
سمير ابو القاسم…..حياة تتململ – سياسي

سمير ابو القاسم…..حياة تتململ

حياة تتململ:

سمير ابو القاسم 

على وقع تحركات تجسّد أصواتا وعيونا لليأس اللامتناهي حيال قدرة البشر على تلبية الحاجات، يلوح في الأفق خريف يجرف سيله كل مخاطر الولادات المعقّدة.

كيف لا؟ والدورة ما عادت تكتمل سوى بنزوح يليه عذاب وانفصال، ثم بحث عن البقاء قيد الحياة تهيؤا لحلول فصل الشتاء.

وخلف كل الكلمات والخطب الفجّة، تؤثث كل اللحظات عواصف رعدية وأخرى بشرية، لتعيش المعاناة فصلا عصيا وفاقدا للقدرة على إسماع أصوات الصراخ المتعالية من هنا وهناك.

كيف إذن، للحكاية أن تروق في ظل استباحة قدسية الحياة؟ أو للمتعة أن تحصُل في سياق انتهاك حُرمة الخصوصية؟ أو للحبكة أن تكتمل في إطار تآكل مستمر للقيم؟ أو للحصول على مغزىً للحياة في أجواء وفضاءات يملأُها عنف مفرط يُلوِّث الأجواء والعلاقات؟

على جانب الطريق، وعلى هضبة مُطلَّة على المدينة، في ليل هادئ يُرخِي سُدُول حُلْكته على الأمكنة، وقف مُطِلاًّ على تلك المشاهد العمرانية العشوائية، الآتية من ماض غامض وحزن عميق يتجاوز عقودا من الزمن.

كان الوضع أفضل مما هو عليه اليوم، ويكاد يرتسم في الذهن كتلك المرأة الجميلة التي تُوقِف العالم للتحديق بها والتعبير عن الإعجاب والرغبة في الاستزادة من الاستمتاع بالرؤية والتطلع إلى ما يوهم فيها بالكمال.

قد لا يتذكر كل شيء، وقد تضيع التفاصيل بين ثنايا المراجعة والنسيان، لكن ما يُنغِّص عليه التفكير هو تلك المحاولات المتكررة للمقاومة والنجاة والرغبة في خلق روابط جديدة مع ما سلف، ولو بأكاذيب صغيرة قد تخلق شروط استمرارية الماضي في الحاضر، بالقدر الذي يمكنها أن تقتل أي بصيص من الأمل في المستقبل.

تقلبت الأحداث بأشكال غير متوقعة، وتقطعت الأنفاس مرات ومرات، وتعددت اللغة في تعبيراتها لاستكشاف كنه العلاقة القائمة بين قمع الانتظارات ومقاومة التسويفات، لتبقى الأحداث سارية كما العادة من حيث عدم توقعها، وليعيش المرء خوفا متدثرا بالإحساس بالأمان، ولتبقى اللحظات الأكثر إيلاما تلك التي تجبره على اتخاذ اختيار أو قرار.

التفت إلى السيارة المركونة على حافة الطريق، ليتَبدَّى له طموح السفر والبحث عن فرص جديدة خارج المدار، ولينطلق في كنف الأقدار الساخرة والصدف الماجنة ومشاعر الحب المندثرة. وهو المدرك لحقيقة أن المتعة ليست في الوصول، وأن الموت القاسي هو ذاك الذي يعيشه المرء وهو على قيد الحياة، وأن السعادة التي يأملها مخبأة في أكوام من التوحش والتفاهة والهمجية.

وما أن استفاق من غفوته حتى وجد نفسه يقوم بحركات تسخينية، استعدادا للدخول في برنامج خيري لتوزيع كميات هائلة من الفتور في العلاقات على المحتاجين، في إطار استراتيجية رفع الحصانة على منتظري المفاجآت المؤلمة من أجل الاختراق، عبر آليات ووسائل كفيلة بتشييد تحف عمرانية فريدة تأوي كل من عاش بالخطأ وافتتن بالمظاهر والمناظر وحلم بالتفاخر بالصالونات والأعراس.

لم يدر كيف خطر بباله السعي عن طعم جديد في الأشياء القديمة، ولا حتى كيف وضع نفسه خارج أسوار المدينة، لكنه جد متيقن من رغبته في درء الشر وحماية الطيبين من عفن الخطيئة. وهو بذلك يبحث عن سبل تعقيد الأمور وإفقادها معاني الحياة، قبل أن يدفع في اتجاه خسران جوهر الحياة إلى الأبد.

أهو وضع ارتماء إلى خارج حدود العشق، أم مظاهر هَوَس كبُر ونما في شكل قيامة، أم محاولة لإعادة تركيب الوقائع بهدوء، أم خيانة وتنكر للحنين في صيغة مدح المدينة وتمجيد ذاكرتها؟

عاد به التفكير في تلك الصغيرة ذات الثلاث عشرة سنة، التي تحولت إلى سلعة معروضة للبيع من أجل سد رمق بقية أفراد الأسرة خشية الموت جوعا.

ليتساءل من جديد: أي جفاف هذا أقسى من جفاف الأرض حين يعصف بالعواطف والأحاسيس؟ وأية ديون متراكمة تلك التي تمتلك قيمة أكبر من دين الأبناء على الآباء والأمهات، فتحتل مكانة الأولوية في الوفاء بتسديدها؟ وأية ظروف وإكراهات هي تلك التي ستفرض على طفلة في حاجة إلى رعاية توديع أهلها والالتحاق ببيت زوجية لا علم لها بالفعل والفاعل والمآلات؟

أجابه صوت من حيث لا يدري: هي فقط حياة تتململ!!!

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*