swiss replica watches
دفاعا عن شيرين عبد الوهاب …دفاعا عن أنطولوجية الوجود الجمالي – سياسي

دفاعا عن شيرين عبد الوهاب …دفاعا عن أنطولوجية الوجود الجمالي

دفاعا عن شيرين عبد الوهاب …دفاعا عن أنطولوجية الوجود الجمالي
عبد السلام المساوي
شيرين الشلال المتدفق
تحية لفنانات لبنان ، من ماجدة الرومي العظيمة الى نجوى كرم الشحرورة ، تحية لكل فنانات مصر الأصيلات ، تحية لكل جميلات الدنيا …تحية وألف تحية على تضامنهن مع شيرين ، لحن الوجود ؛
تنساب الكلمات في تلقائية كأنها شلال لا ينضب نميره عن التدفق ، يتدفق الصوت رطبا على القلب في تناسق عجيب بين قهقهات الضحك ، تناسق يوقظ فيك الفرح الطفولي لتنفتح الابواب تدريجيا لقلب عانى من اختفاء الحب…قلب الذي عرف النساء ولم يعرف الحب.
شيرين بصوتها الفاتن وهي تشدو …صوت جميل وقوي ،لكنه يفيض انوثة …صوت فيه الكثير من الصدق بعنوان البساطة والهدوء .
وانت تستمع لشيرين ، وانت تنصت لها ، تتمنى ان يطول الانصات والاستماع، تتمنى الا ينقطع …تستمع الى شيرين وانت تستمع بصوت رخيم جميل ينطق جمالا وفتنة ….تستمع الى شيرين وكانك في رحاب سنفونية موسيقية خالدة ….وكانك تصلي في معبد النساك المتعبدين …وعندما يتوقف الارسال تبقى مهووسا بصوتها …انغامه تسكنك وتطرد من اذنك كل صوت نشاز …هو صوت تسمعه لأول مرة فتسقط عاشقا مغرما ولهانا ….ولا رجلا هو من لا يعشق هذا الصوت الأسطوري الذي ينحني له العشاق راكعين ساجدين …فطوبى لشيرين صاحبة الصوت النقي الطاهر …وطوبى لكل من اتيحت له فرصة الاستماع والاستمتاع بهذا الصوت ، صوت البلبل المغرد بالحان طبيعية بعيدا عن التكلف والتصنع .
والصوت هنا جزء من الكل …شيرين جميلة صوتا وصورة ، شكلا ومضمونا ، ظاهرا وباطنا ، سطحا وعمقا …انها بنية متناسقة ونسق متناغم …وجه ملائكي ، يصعب تصنيفه ، يستحيل تحديده ….فيه ملامح اوروبية ، ايطالية واسبانية تحديدا ، فيه تقاسيم امريكا اللاتينية ، فيه اصالة الجمال الامازيغي بنكهة اندلسية …وانت تتأمل وجه شيرين ، وانت تقرأ محيا شيرين ، تصاب بالحيرة ، وتخرج بخلاصة مفادها ؛ جمال الكون كله حاضر في وجه نهاد …
عينان ضاحكتان تعبران بالابتسامة عن الحب والتفاؤل …عينان ناطقتان تخفيان الكثير من الاسرار …عينان جميلتان رغم مسحة الحزن المزمن التي ترقد فيهما…تستطيع شيرين ان تقول اشياء كثيرة ، لكن نظرة منها تعفيها من كثرة الكلام …في حصرتها تتعطل لغة الكلام وتفسح المجال لعينيها لتخاطب العاشق والحاقد …لغة عينيها ابلغ وافصح من كل لغات العالم والسنه .
تريد ان تعلو وتسمو ، تريد ان تحلق الى السماء ….تريد ان تتخلص من خسة الأرض وجرائمها واوساخها البشرية ، لتعانق جمال السماء بزرقته ونجومه …انها تطمح الى التحرر من الأسفل لتلتحق بالأعلى ..تحب العلا والعلياء ….
شفتاها سماء تمطر حبا حينا نارا احيانا ….فحذاري من حبها ومن غضبها ….والشعر يسافر ليخترق قلوب العاشقين …
انيقة بامتياز الذوق الرفيع ، عصرية ولكنها اصيلة …بعيدا عن العري فهي مغرية وفاتنة …جذابة باستحقاق المرأة التي لا تبدي تضاريس جسدها …وتترك حرية التخيل لكل سابح في بحر جمالها وانوثتها .
انيقة ، ويحار كل من راها هل اللباس يستمد حسنه وبهاءه من شيرين ام اناقة شيرين من جودة اللباس …وسرعان ما ينفك اللغز فسر الجمال من روح شيرين ….
منذ بداية البدايات عشقت الفن وداعبت الوجود…عز عليها ان تسقط فتستجيب لطيور الظلام …عز عليها ان تخفي وجهها الصبوح بأقنعة قذرة …لم تطق لها سقوطا لهذا اقتحمت قطار الفن مهما غضب السيد والجلاد …أصرت على ان تبقى الراية مرفوعة والوردة مزهرة حتى وان كان الزمن زمن جهل ورداءة …اذن فلا خوف علينا اذا ادلهمت بنا الافاق من ان لا نجد فنانة مقتدرة تنبهنا وتهدينا …فان شيرين التي أطلقت في زمن الصمت صرخة ، قادرة على جعل الناس يعشقون الورد…
تعطرت بوعي فني مبكر ، وضربت في الأرض في مرحلة حرجة من تاريخ مصر …في سن مبكرة بدأ تشكل الوعي الابداعي والانخراط في الغناء…انخرطت في العمل الفني وهي فتاة جميلة ومغرية..
عانقت الفن والطرب وهي بالكاد شابة.. شكلت وما زالت قيمة مضافة للطرب المصري …تحاصرها اسراب البوم كليالي النفاق طالعة من جحور القبيلة فتلقاها معتصمة باختيارها …شيرين صاحبة قضية ، وعلى فنانتنا ان تواجه الامواج والاعصار …فهذه قناعتها وهذا واجبها….وهذه مهمتها..والا فليرحل من هذا العالم الذي في حاجة الى العواطف النبيلة وشيء من التضحية …هكذا نرى الصبوحة شيرين ترى الاشياء …وهكذا نتصورها تتصور العالم الذي نحن فيه …فليخجل من انفسهم أولئك الذين يحصدون ونحن الزارعون ….شافاكم الله ! لكم التين ولنا الزيتون…
وقفت شيرين فوق خشبة الحياة وأعلنت رفضها للذل والمهانة …انها صاحبة اشكالية ملحاحة…
ألام المرحلة حاضرة في وعيها …هي شيرين، اذن ، فنانة بامتياز إبداعي …مطربة بقناعاتها …وما اسهل تاقلمها في المجال اذا ارادت بمحض إرادتها ، دون أن تخضع لأي أمر او قرار …تحب الحرية بمروءتها ومسؤوليتها …وتقول لا للوصاية والتوريث ، لا لإعطاء الدروس بالمجان …لم تسقط سهوا على الفن …هي فنانة ايمانا واختيارا …اكتسبت شرعية الانتماء بالقوة والفعل ، وانتزعت الاعتراف والتقدير بالصوت والابداع …
و منذ طفولتها كانت شيرين وردة ممسكة بزمام مسار حياتها ، حملت في صدرها كبرياء القمم وإصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك ، تشق مجراها بصبر وثبات…
بعد طفولة هادئة باللون الأبيض والأسود ، بالجدية وشيء من الشغب ،تصطحب ظلها لمواجهة المجهول…لمجابهة المثبطات ، لعناق الامل ، ودائما تحمل في كفها صوتا ولحنا ، وفي ذهنها عواطف ، وعلى كتفها مهام ومسؤوليات ، فهي تكره الفراغ…ان الزمان الفارغ يعدي الناس بفراغه …وحين يكون الشعور هامدا والاحساس ثابتا ، يكون الوعي متحركا …وعي بأن الحياة خير وشر ..مد وجزر…مجد وانحطاط …ولكن هناك حيث توجد الإرادة ويكون الطموح …تكون المبادرة ويكون التحدي …تكون الطريق المؤدية إلى النتائج …وتقول شيرين :” لا تهمني الحفر ولا اعيرها اي انتباه ” …منذ بداية البدايات كشفت عن موهبة تمتلك قدرة النجاح ، وتظل دائما ودوما متمسكة بطموح االنجاح …
تكره اللغة السوداوية والنزعة العدمية …تكره الأسلوب المتشائم ولغة الياس والتيئيس …لا…هي امرأة جد متفائلة ، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل …وهذا الطموح …وهذا الحب اللامشروط للطرب رغم الكابة في السماء والأسى لدى الاخرين …قد يكون الماضي حلوا إنما المستقبل احلى…
ارتشفت ثدي الفن ونهلت من حليبه ، وتشبعت بمبادئه وقيمه…
ان الفن هو فن المراكمة الصبورة وتحضير الطفرات النوعية بالعمل الطويل النفس الخاضع للتقييم الدوري.. …
انها مطربة تنتمي مطاوعة لكنهت لا ترضخ …اختيارا لا قسرا …تنسجم بيد أنها لا تذوب …هي ذات فرادى واختلاف …تحوم سماوات العالم الرحاب ولا تهيم ، وتعود مثقلة بالتجارب والمعارف لتبشر بغد جميل لعالم جميل …لا يمكن أن تحشر في زمرة الفنانات الكسولات ، فهي ليست منهن، لأنها محصنة ، ولكنها تعرف ان الطريق ألغام وكوابيس …وقائع وانفجارات ..دسائس واشاعات …لهذا تمضي بحكمة وثبات …تفضح الكوابيس وتنبه الى صخبها …تنبه إلى الاغراءات وتحذر من مخاطرها …لترتفع إلى مقام الفنانة المقاومة ….وليست منهن لانها رضعت الاناقة والانافة في معبد الشجعان …فاسمحوا لي ان أعلنها صاحبة قضية وصاحبة أجمل صوت…
لشيرين حضور فني قوي ، حضور ينشدها كل يوم ويذكرها ،بل ويغنيها ويتصاعد في تناغم مع مسار جمالي …هي اصلا تربت ضد الصمت ..تربت على كره النفاق والغدر ..وهي طفلة ، وهي تنمو ، نما فيها كره الاختفاء وراء الأقنعة …مترفعة في لحظات الهرولة …واثقة في زمن التيه …مؤمنة بان النجاح اجتهاد وعمل…وان الفن اختيار والتزام …
تجربة الحياة نزعت منها للابد الإحساس بالخوف والاستسلام …وزرعت فيها الإمساك بزمام مسار حياتها مهما كانت العراقيل والعوائق …تجربة زرعت فيها الصمود والتصدي …تنفست عبق تربية هادفة ومسؤولة …تربية تعتمد الجدية والصرامة مرات وتعلن الليونة والمرونة مرارا…تمطر حبا حينا ونارا احيانا….
شيرين بسيطة ومتواضعة، كريمة وصادقة، مخلصة ووفية …

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*