swiss replica watches
برلماني ووزير سابق خلف القضبان! – سياسي

برلماني ووزير سابق خلف القضبان!

برلماني ووزير سابق خلف القضبان!

من النادر جدا أن يتلقى المواطن المغربي ببلادنا خبرا حول اعتقال شخص من علية القوم، سواء كان مسؤولا أو برلمانيا أو وزيرا سابقا، علما أن التقارير السنوية لمؤسسات الرقابة التي يفترض أن تحرص على حماية المال العام وعقلنة تدبيره وترشيد إنفاقه من قبيل المجلس الأعلى للحسابات وغيره، غالبا ما تأتي صادمة لما ترصده من أخطاء متعمدة وتتضمن من خروقات قانونية وتجاوزات مالية، دون أن يواكب ذلك تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة ومتابعات قضائية في حق المفسدين ومبددي المال العام.

لذلك بدا أمر اعتقال القيادي بحزب الحركة الشعبية، البرلماني الحالي والوزير السابق محمد مبديع، وكأنه يتعلق بشخص آخر من المواطنين المغلوب على أمرهم، في ظل عدم اعتياد المغاربة على مثل هذا النوع من الاعتقالات.

لاسيما أنه لم يمض سوى عشرة أيام فقط على انتخابه رئيسا للجنة “العدل والتشريع وحقوق الإنسان” بمجلس النواب يوم 17 أبريل 2023 بمجموع 250صوتا من أصل 255 من الأصوات المعبر عنها، خلفا لبرلماني آخر ألغت المحكمة الدستورية انتخابه بمجلس النواب.

وهو ما أثار جدلا كبيرا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، التي استغربت في حينه ترشحه لمثل هذا المنصب، علما أنه يجر خلفه ملفا ثقيلا من تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، تؤكد ضلوعه في اختلالات مالية وقانونية وتدبيرية جسيمة بالبلدية التي ظل يرأسها منذ حوالي عقد ونصف من الزمن، معتبرة أن السماح له بذلك يعد بمثابة رسالة مطمئنة لكل “لصوص المال العام”.

وتعود تفاصيل إلقاء القبض على “الحركي” ورئيس بلدية الفقيه بنصالح، إلى أنه بناء على قيام وفد عن المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام بمدينة الدار البيضاء، بزيارة لمكتب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء يوم الثلاثاء 25أبريل 2023 وتسليمه رسالة حول شبهات فساد مثيرة تخص محمد مبديع، ووفق تعليمات الوكيل العام للملك ذاته عملت عناصر من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على استقدام المعني بالأمر من مقر إقامته بالرباط يوم الأربعاء 26 أبريل 2023 من أجل استنطاقه حول معطيات تفيد تورطه بمعية 12 شخصا آخر من مقاولين وموظفين ومستشارين جماعيين، في اختلالات مسجلة ببلدية الفقيه بنصالح التي يتولى رئاستها منذ سنة 1997 إلى الآن.

حيث أنه ولرفضه الاستجابة للأمر بالحضور أمام الشرطة القضائية للتحقيق معه في المنسوب إليه، من خلال الشكوى المقدمة ضده من طرف فرع “الجمعية المغربية لحماية المال العام” بجهة الدار البيضاء منذ شهر يناير 2020، كان يكتفي فقط بالإدلاء بشواهد طبية صورية في الوقت الذي كان يحرص فيه على مداومة الحضور لجلسات البرلمان، وهو ما اعتبرته الشرطة القضائية فعلا منافيا للقانون، باعتباره يشكل “تغييرا للحقيقة بسوء نية”.

وبناء على ملتمس للوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء، أمر قاضي التحقيق بنفس المحكمة في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس 26 أبريل 2023 بإيداع الوزير السابق محمد مبديع، الذي اضطر في وقت سابق إلى تقديم استقالته من رئاسة لجنة “العدل والتشريع وحقوق الإنسان”، بمعية سبعة أشخاص آخرين رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن عكاشة بالدار البيضاء من أجل مجموعة من التهم “اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير والغدر واستغلال النفوذ وغيرها والمشاركة في ذلك” ، كما طالبه الوكيل العام للملك باتخاذ تدابير المراقبة القضائية في حق الخمسة الآخرين المتابعين معه وأغلبهم من الموظفين بجماعة الفقيه بنصالح، من خلال سحب جوازات سفرهم وإغلاق الحدود في وجههم.

فعلى غرار ما ورد في بيان صادر عن قيادة حزب الحركة الشعبية يوم الأربعاء 26 أبريل 2023 من تأكيد على ثقتها في استقلالية القضاء، نرى نحن كذلك بدورنا أنه من واجبنا مراعاة قرينة البراءة للمتهم إلى أن تثبت إدانته أو عدمها، فاسحين المجال أمام القضاء ليقول كلمته الفصل بجرأته المعهودة، دون تدخل من أي جهة أخرى مهما بلغ شأنها. فاستقدام “مبديع” إلى الدار البيضاء وإيداعه السجن، هو في حد ذاته يعد قرارا جريئا وبمثابة خطوة إيجابية في اتجاه التصدي لآفة الفساد بمختلف أشكاله والسعي صوب تحقيق العدالة، لأن جرائم الفساد ونهب المال العام تستوجب الضرب بيد من حديد على المفسدين ولصوص المال العام من المستهترين بكل القواعد القانونية والقيم الأخلاقية.

وفي انتظار النطق بالحكم في هذا الملف الثقيل من حيث تعدد التهم، فإننا نأسف لتواصل مسلسل الفساد بالرغم من الاستراتيجيات الوطنية وتوالي التقارير المحلية والدولية، التي ما فتئت تضع المغرب في ذيل قائمة مؤشر استشراء هذه المعضلة، التي فشلت الحكومات المتعاقبة في الحد منها ومكافحتها. حيث أن محاربتها لم تعد بحاجة إلى الاستمرار في رصد أرقام وتحرير تقارير في شأنها، وفيما لها من تداعيات وخيمة على الأفراد والمجتمع، بقدر ما هي بحاجة إلى مقاربة أخرى جديدة تقوم على تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، تفاديا للمزيد من التطبيع القائم مع هذه الظاهرة البنيوية، التي أفقدت المواطنين الثقة في المنتخبين ومؤسسات الدولة وكل المسؤولين…

اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*