swiss replica watches
الدب الروسي – سياسي

الدب الروسي

عادل بنحمزة

الزيارة التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى موسكو، كان بالإمكان أن تكون زيارة عادية ..لكن تزامنها مع التوتر الكبير الذي تعرفه علاقة المملكة بالأمين العام للأمم المتحدة عقب التصريحات التي أدلها بها في الجزائر والتي وصف فيها وضعية الصحراء بأنها توجد في إطار “إحتلال”، يعطي للزيارة وزنا أكبر حتى لا أقول بعدا إسترتيجيا.
زيارة الملك إلى موسكو تأجلت أكثر من مرة، وحيث اننا نفتقد للمعلومات الكافية عن أسباب التأجيل، فإنه من الصعب يناء تحليل او الخروج بإستنتاجات حول الموضوع، لكن المؤكد هو أن الجزائر وجبهة البوليساريو، سعيا إلى إضفاء طابع الأزمة على العلاقات المغربية الروسية، ومحاولة إستثمار التأجيل لخلخلت الموقف الروسي المتوازن في قضية الصحراء، فقد قام وفد من البوليساريو بزيارة موسكو مباشرة بعد تأجيل الزيارة الملكية، بهدف إستقطاب روسيا لأطروحة الجبهة والجزائر.
لقد شملت العلاقات الروسية الجزائرية علاقات تقليدية عميقة، واعتبرت الجزائر دائما الحليف التقليدي لموسكو، لكن برغماتية صانعي القرار اليوم في روسيا، تذهب في إتجاه إختراق مناطق النفوذ الغربية في منطقة شمال إفريقيا، ويأتي المغرب على رأس الدول التي تسعى موسكو إلى بناء علاقات قوية معها، من جهة لحماية المصالح الاقتصادية الروسية وبناء مصالح جديدة، ومن جهة أخرى تعزيز النفوذ العسكري في حوض المتوسط على جنوب اوربا، وبصفة خاصة مضيق جبل طارق، هنا يعتبر موقع المغرب الجغرافي أكثر اهمية من الناحية الاستراتيجية من الجزائر، ولو أن روسيا لا يبدو انها تسعى لبناء مفاضلة في علاقتها مع كل من الجزائر والرباط.
المغرب ومنذ الأزمة المالية والاقتصادية التي عرفها العالم، وبصفة خاصة شركائه في اوربا، إقتنع بأهمية تنويع الأسواق الدولية وذلك لحماية الاقتصاد الوطني، من أية أزمة قادمة تضر بشركائه الأوربيين..فكانت روسيا واحدة من الدول التي تشكل بديلا واعدة في أهم القطاعات التي يعول عليها المغرب في مبادلاته الخارجية، سواء تعلق الأمر بالفلاحة والصيد البحري، أو السياحة..إضافة إلى مجالات أخرى يمكن أن تكون موضوع تعاون مشترك، كما أن المغرب في السنوات الأخيرة إنفتح على سوق الأسلحة الروسي، هذه الملفات الاقتصادية ستكون في صدارة جدول أعمال الزيارة الملكية، وهي ملفات تم إعدادها بموسكو منذ يناير الماضي بحضور مسؤولين مغاربة كبار.
توقيت الزيارة الحالية يعطي لها أيضا أبعادا سياسية، فهناك اليوم في المغرب شبه قناعة عامة، أنه من غير المجدي الرهان الكلي على الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية التي يبدو أنها مستمرة في تعديل رؤيتها للنزاع في الصحراء المغربية، وأن الأمر لن يتوقف عند سعيها لتغيير مهام المينورسو من الإشراف على وقف إطلاق النار، إلى مهام أخرى تمس بالسيادة المغرب وبصفة خاصة مراقبة وضعية حقوق الانسان في أقاليمنا الجنوبية..هنا تبرز أهمية روسيا كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وتحمل رؤية مخالفة للولايات المتحدة في عدد كبير من النزاعات الدولية.
الروس بالطبع لا يؤسسون مواقفهم على اعتبارات أخلاقية، بل على حسابات إستراتيجية واضحة يجب أدها بعين الاعتبار، هنا يقول الخبير الروسي فيتالي ناعومكين “على الرغم من أن الازمة في الصحراء الغربية ليست كمثيلاتها في سوريا أو اليمن فإن البعض قد يتسائل فيما ان كان النقاش حول قضية الصحراء الغربية سيضحى مجالا للتعاون بين الغرب وروسيا مثلما كان الامر عليه في مسألة الأسلحة الكيماوية السورية أو برنامج إيران النووي أو إذا ما أصبحت مجالا جديدا للمواجهة بين موسكو و العواصم الغربية”…هكذا ينظر الروس إلى المنطقة.
المغرب وهو يسير في إتجاه موسكو تواجه عدة إكراهات، يجب كسب معركة تدبيرها دون ان تمس مصالحه الاستراتيجية من جهة، وكذلك إلتزاماته الدولية من جهة أخرى، وتأتي في صدارة هذه الإكراهات الموقف مما يجري من روسيا، وأفق العلاقات الروسية الخليجية ومدى إنعكاسها على المغرب.

جريدة “العلم” عدد الثلاثاء 15 مارس 2016

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*