swiss replica watches
الرفاق حائرون تائهون – سياسي

الرفاق حائرون تائهون

عزيز ادمين

يتداول مجموعة من النشطاء في فضاءات المواقع الاجتماعية والمواقع الاليكترونية نقاشات حول دعم أحزاب بعينها أو توجهات سياسية معينة، تتأرجح ما بين الدعم لحزب العدالة والتنمية مرورا بفيدرالية اليسار وصولا إلى إعلان التصويت الابيض أو ما يطلق عليه التصويت العقابي.

 ملاحظة أولية نسجلها في هذا الصدد:

أولا: أن النقاش صحي، باعتبار أننا نشهد مجموعة من الأفراد الذي تخلوا عن الذاتية في مواجهة الواقع بتعقيداته، معلنين دعم توجه، وليس دعم أفراد.

ثانيا: النقاش الدائر يهم تحصين المكتسبات في مجال الحريات والحقوق وفي نفس الوقت المطالبة بوضع ضمانات بناء أسس الديمقراطية الحقة وليس الديمقراطية الصورية.

ثالثا: أن النقاش الدائر يهم البرامج والمشاريع، حيث تم تجاوز المس بالأشخاص أو الهيئات السياسية.

رابعا: أن حاملي النقاش العمومي أغلبهم من خارج دائرة الاحزاب السياسية، فهم إما متعاطفين مع توجه سياسي أو ناشطين مدنيين وأغلبهم كانت له مساهمة محددة في حركة 20 فبراير.

خامسا: وهي الملاحظة الأساسية التي تهم إعادة النقاش العمومي حول مفهوم “التحكم”، أو “جيوب المقاومة” أو “الحزب السري” أو “الأحزاب الادارية”… وهي كلها مفاهيم تدور في فلك البنية السلطوية للنظام السياسي القائم.

بعض المنطلقات التي لا بد منها، والتي نعتقد أنها صائبة إلى يثبت العكس، ومنها أن المغرب لم يعرف صراعا إيديولوجيا بقطبي اليمين واليسار، اليمين الحامل لفكر الليبرالي بمرجعياته الفكرية وأسسه الاقتصادية والثقافية، بل كانت هناك مجموعة من الأحزاب التي اجتهدت في التنفيذ الجيد لبرامج صندوق النقد الدولي، واليسار لم يكن ذاك الحزب الحامل لهم الطبقات الكادحة والمتغلغل في بنياتها الاجتماعية والاقتصادية، باستثناء بعض التيارات التي كانت غارقة في النقاش النظري في السبعينات والثمانيات من القرن الماضي، خاصة داخل الجامعات دون الوصول إلى إعمال هذا الفكر من خلال آليات ومشاريع وبرامج، أما الأحزاب السياسية فقد اعتبرت الاشتراكية والماركسية منهجا للتحليل فقط وفي سياق البحث عن القيم الإنسانية المتنورة من داخل المنظومة الليبرالية ولاسيما منها في مجال الحريات والحقوق.

المنطلق الثاني، أن النظام السياسي همه الوحيد هو الاستمرار في أي ظروف كانت، سواء الاستقرار أو الفوضى، ومن أجل ذلك فإنه يلجأ إلى عملية ضبط وتأطير الحقل السياسي وأساسا ضبط توازن رقعة الأحزاب السياسية، فيحول الأحزاب السياسية إلى آلية من آليات حكمه، سواء باعتماد استراتيجية الإدماج والترويض أو استراتيجية الإقصاء والتهميش.

وعلى أساس ما سبق، فإن القول بالتصويت العقابي أو التصويت الأبيض بدعوى أنه يشكل رسالة إلى الجهات المتحكمة في خيوط اللعبة بـ”عدم الرضا”، فإنه قول مجانب للصواب للأسباب التالية:

التصويت العقابي، هو تعبير عن قبول نظام الحكم والنظام الانتخابي والقبول بقواعد اللعبة كما هي مرسومة، ولكن الاعتراض في هذه الحالة على أدوات السلطوية، وهي في هذه الحالة الأحزاب السياسية، والتي تعود لها أسباب الأزمة باعتبار أنها لم تستطع أن تحمل هموم المواطنين وأن تترجم مطالبهم إلى برامج انتخابية، مما يجعل المواطن يرمي بالورقة بيضاء لعدم اقتناعه بأي مشروع سياسي، والكل يعلم أن سبب الأزمة في المغرب يتجاوز الأحزاب السياسية وأنه إشكال بنيوي.

كما أن السؤال الذي يطرح أيضا هو: ما الفرق بين التصويت العقابي والمقاطعة على مستوى مخرجات الانتخابات؟ بمعنى بماذا يتميز التصويت العقابي عن المقاطعة فيما يتعلق بالتأثير على الخريطة الانتخابية وعلى العملية الحسابية والتقنية في فرز وعد الأصوات المعبر عنها؟ الجواب عن هذين السؤالين يسمح بالقول إن التصويت الابيض (العقابي) ليس له تأثير على بنية النظام السلطوي، وإنما يشكل فقط فرصة لإعادة إنتاج مشروعيته، ونذكر هنا سنة 2011 حيث أن مجموع الأصوات غير المعبر عنها بالإضافة إلى الأصوات الملغاة، احتل المرتبة الثانية مقارنة مع النتائج التي حصلت عليها الأحزاب السياسية، وهي النتائج التي كرست الواقع الحزبي القائم اليوم.

أما القول بكونه يشكل رسالة عدم الرضا، فإن “المقاطعة” أكبر رسالة وأخطر لأنها تمس الثقة في المؤسسات وفي المسلسل ككل، وهي الرسالة التي لم تصل سنة 2007، فأدت إلى الحراك الاجتماعي مع حركة 20 فبراير.

أما بخصوص الدعوة إلى دعم حزب العدالة والتنمية، لعدة أسباب لن نذكرها لقيام أصحاب هذا الرأي بذلك، فيجب أن نذكر بنشأة الحزب الذي خرج من رحم القصر، والغاية هي إدماج النخبة الاسلامية السلفية والدعوية من أجل لعب دور الكابح لامتدادات جماعة العدل والإحسان وبعض التيارات المتطرفة.

كما لا يخفى على أحد أن حزب العدالة والتنمية كان خانعا مع النظام السياسي، مما جعله يقدم عدة تنازلات من أجل كسب ثقة القصر على حساب تفسير ديمقراطي لدستور 2011، فكان يلعب دور صمام أمان في مواجهة القرارات التي تمس السياسات الاجتماعية والتي كانت ممكن أن تؤدي إلى احتقان اجتماعي، كما أنه أقبر مطالب شباب حركة 20 فبراير بعد أن تم إدخالها غرفة الانعاش مع خطاب 9 مارس ودستور 2011.

ولن ننسى أن حزب العدالة والتنمية ليس بالكتلة المتجانسة، بل هو خليط من أصحاب التوجه المتشدد والمعتدل، وأيضا أصحاب التوجه البرغماتي الميكيافيللي، فإن كان التوجه الاخير بقيادة عبد الاله بنكيران استطاع أن يفرض نفسه فلا أحد يضمن أن يطفو أحد التوجهين الاولين في أي وقت.

أيضا، يجب أن لا ننسى أن شعار محاربة الفساد، تحول إلى عفا الله عما سلف، بل كل ملفات الفساد التي فتحت تم دفنها بسرعة حتى لا يمس أصحابها، أما باقي الملفات وهي كثيرة فلم يستطع أن يقترب منها بشهادة حليفه في الحكومة السيد نبيل بن عبد الله.

وأخيرا، فإن قوة خصوم حزب العدالة والتنمية، ازدادت قوة بفضله، فحزب الأصالة والمعاصرة التي أخفض رأسه عقب حراك 20 فبراير، استطاع أن ينهض وأن يتقوى أكثر ويتغلغل في قطاعات اسراتيجية انتخابيا واقتصاديا واجتماعيا ومهنيا… حيث استغل “البام” انشغال السيد بنكيران بخرجاته الإعلامية غير المحسوبة ولعبه دور “البارشوك” في السياسات اللا اجتماعية، من أجل أن يعيد هيكلة تنظيمه في عدة مستويات.

من أجل ذلك فإن الدعوة لدعم حزب العدالة والتنمية، لها ثمن باهظ، وتكفلته غير محسوبة العواقب، فطبيعي أن يكشر عن أنيابه في حالة قيادته الحكومة المقبلة، لأنه لم يعد له ما يخسره، سيرا على نهج “غالب أو مغلوب” من أجل تحزيب الدولة، والخروج من دائرة الضبط السلطوي، في ظل غياب منافس شرس (تجربة أردوغانة الدولة).

أما بخصوص دعم فيدرالية اليسار، فإنه دعم عاطفي ولدى أصحابه انطباعات شخصية أو التزمات تنظيمية لا يمكن مناقشته، أما القول بالخط الثالث، فيمكن مناقشته عندما تتضح معالمه، ومع ذلك فإن رأسماله الرمزي يبقى محدودا أمام ضعف البنية التنظيمية للأحزاب المكونة لمن ينادون به وأيضا لغياب آليات استقبال واستقطاب تجعل من الفدرالية “ناديا سياسيا” أكثر منها مكون حزبي.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*