swiss replica watches
الصحافة ورئيس الحكومة – سياسي

الصحافة ورئيس الحكومة

عبد السلام المساوي
المسألة غير هينة ، وغير سهلة ، ويلزمها قليل من الكلام الهادئ والرصين لأن الموضوع ساخن ولا يتحمل تناوله بالنزق الذي يسببه البوليميك والانخراط فيه .
ذلك أنه عندما تقرر وسيلة إعلامية ما ، سواء من خلال مالكها الوحيد او من خلال ملاكها المتعددين ، أن تصبح ناطقة رسمية باسم السيد عزيز أخنوش ، تقطع خطوة كبرى جدا في الانفصال عن المحيط المهني الذي وجب ان تشتغل فيه الصحافة .
المسألة اختيار ؟ نعم ، والمسألة تندرج في تصور كل واحد للمهنة ، ولارتباطات المهنة ؟ نعم مرة أخرى . لكنها بالفعل خطوة غير هينة . وفي الغالب الأهم يؤدي المرتبطون هذا الارتباط اللامهني في نهاية المطاف ثمن هذا الارتباط عندما تنكشف الأمور وتسقط الأوهام ويجدون أنفسهم على رفين اثنين :
على رف المهنة ، التي لم يعودوا مهتمين بممارستها الا بقدر المصالح المادية والمكتسبات الزائلة التي تسمح لهم بتحقيقها ؛
وعلى رف الوطن ، الذي يشرع في النظر بريبة لمن يؤجر صوته او قلمه ، والكاميرا التي يصور بها لهذا الشخص او لذاك ، لهذا الحزب أو لذلك .
سوى أننا ملزمون بقولها : ولاء الصحافي يجب ان يكون لوطنه أولا . ومهنة الصحافة ليست مهنة عادية . هي تقترب في كثير من تفاصيلها من المهن الحساسة التي يسمح لها بالخروج والتنقل في الحالات الإستثنائية لأنها تمارس دورا يقترب كثيرا من دور الجندية ودور الأمن ودور حماية الوطن في جبهة أخرى هي الجبهة الإعلامية .
البعض ينسى أو يتناسى ، و يعلنها مدوية بشكل واضح ووجه مكشوف ويقول ” لقد بعت والسلام ” ، لكن الأمر يبقى على خطورته الأولى : لا مجال للارتزاق ، ولا ثقة في أصحابه ، تماما مثلما لا ثقة في الذين يغتصبون الصحافة ويقدمون أنفسهم كبراحين للسيد عزيز أخنوش .
للتأمل ليس الا بكل هدوء ، حسبما يسمح به مقام الانتماء للوطن ، وهو مقام لا يتقبل الا قليل الهدوء ( المغرب أولا ).
كتب مصطفى الفن يقول ” ليس سرا أن السيد أخنوش يكاد يصبح اليوم المشغل رقم واحد والناشر رقم واحد في عالم الصحافة والنشر …وهذا الجمع بين السلط في شخص عزيز أخنوش لا يخلو من أخطار محتملة قد تهدد ” البنيان ” ومعه بنية النسق أيضا مع الوقت ومع تعاقب الليل والنهار …
لأنه ما معنى أن يصبح الجميع يردد بلسان السيد عزيز أخنوش بأن الحكومة الحالية جاءت ببرامج غير مسبوقة وبأفكار عميقة وبرؤية شاملة ستحل ” قريبا ” كل مشاكل المغرب ؟ ”
كثيرة هي الجرائد الورقية ( المشهورة ) ، وكثيرة هي المواقع الالكترونية ، صفقت لحزب التجمع الوطني للأحرار باعتباره الحزب الأول ، بل اشتغلت بتفان في الحملة الانتخابية وقبلها بزمن طويل ، ليحظى حزب التجمع الوطني بهذه المرتبة ! واليوم الجميع يصفق لعزيز أخنوش باعتباره المنقذ من الضلال ! اختفت المهنية وغاب النقد الموضوعي ، وانقرضت ” الاستقلالية ” ، الكل يبارك السيد رئيس الحكومة !
توضيح
ان الحزب يختص ، من بين كل المؤسسات المجتمعية ( الجمعيات ، النقابات ، مؤسسات الإعلام …) بالممارسة السياسية وتاطير المواطنين وتأهيلهم لممارسة الشأن العام ، كما يعمل على تكوين النخبة السياسية ، خدمة للمواطنين وتلبية لحاجاتهم المتنوعة والمختلفة وتحت مراقبتهم ومحاسبتهم …وهذا أوج ما وصلت الديموقراطيات المعاصرة بعدما استكملت نضجها المجتمعي واستقرارها السياسي…
الحزب اذن وسيلة من وسائل ممارسة الشأن العام السياسي ، يتقاطع مع كثير من المؤسسات المجتمعية الحديثة ، من غير أن تتمكن اي منها من ان تنوب عنه في تربية المواطنين على ممارسة حق المشاركة السياسية ، وأن ذهب بعضهم عن جهل او خلط مع سبق الإصرار الى الى التبشير ببديل عن الاحزاب السياسية ، يحصرونه في جمعيات محسوبة على المجتمع المدني او الصحافة او ما شابهها …
مباشرة بعد تشكيل حكومة التناوب تكونت معارضة من طرف جهات دعت إلى ضرورة إخلاء المكان للخبرة التقنوقراطية ، واعتبرت أن الفريق الحكومي دون خبرة وتجربة . ان دعوة مثل هذه هي كانت في العمق دعوة إلى استمرار حالات الاستثناء ، والتراجع عن تقدمات وفتوحات حصلت في الممارسة السياسية المغربية ، وهي تقدمات لم تحصل عبثا ، بل جاءت كحصيلة لصراعات وتوافقات عرفها الواقع السياسي المغربي فكرا وممارسة ، وأن هذه الدعوة كانت ايضا دعما لذلك التحالف التقنوقراطي الذي أسندت إليه الأمور في السابق ، والذي يعود اليوم من النافذة مصبوغا بألوان حزبية …
ان الاعلام الجاد والهادف ركيزة من الركائز الأساسية لتحقيق الديموقراطية والتنمية . فالديموقراطية لا تقوم على اختيار المنتخبين فقط بل على مساهمة المجتمع كله . ان الاحزاب والنقابات والجمعيات والاعلام …ركائز محورية للديموقراطية ، فإذا كانت الاحزاب تقرر فالجمعيات تقترح ، تراقب وتنتقد ، وتطالب بالتغيير والتصحيح ، والنقابة تدافع عن مصالح العمال والصحافة سلطة رابعة مستقلة عن كل السلط ، وما نلاحظه اليوم هو خدمة بعض ، وبعض كبير ، للسيد عزيز أخنوش !

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*