swiss replica watches
متى توفرون المراحيض اللازمة لمدارسنا ؟ ! – سياسي

متى توفرون المراحيض اللازمة لمدارسنا ؟ !

من المخجل حقا أن يأتي الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء نزار بركة أمام البرلمان، لينبه إلى معضلة افتقار جل مدارسنا بالعالم القروي إلى المراحيض اللازمة، بسبب ضعف الربط بشبكة الصرف الصحي السائل الذي لا يتعدى عشرة في المائة، مما يساهم بدرجة عالية في الانقطاع المبكر لعدد كبير من الفتيات، علما أن الوزارة الوصية صرفت خلال السنوات الماضية ميزانيات ضخمة من المال العام في تجهيز المدارس وإعادة تأهيلها.

ترى أي عقل سليم يقبل بوجود مدارس بدون مراحيض ونحن في القرن الواحد والعشرين ؟
فالمدرسة تعد بمثابة مشتل لاستنبات العقول والسهر على حسن رعايتها وتنميتها، وهي كذلك بيت ثان لكل من المتعلم والأستاذ، وتستدعي أن يولى لها اهتمام بالغ على مستوى النظافة والحفاظ على جماليتها وبيئتها، باعتبارها الفضاء الذي يتم فيه العمل إلى جانب الأسرة على تنشئة الطفل وتغذيته بالقيم الحضارية، التي تمكنه من الاندماج والارتقاء الاجتماعي.

إذ تلعب المدرسة دورا فعالا في تحسين القدرات الفكرية والمعرفية لدى المتعلمين، وتجعلهم أكثر استعدادا لتحمل المسؤولية والانخراط في تنمية المجتمع وتطويره، كلما توفرت لها الشروط التربوية والموضوعية الضرورية.

ولا يمكن لنا أن نتصور مجتمعا حديثا يسعى إلى تحقيق التقدم والازدهار بدون مدرسة، كما لا يمكن لأي مدرسة القيام بوظائفها كاملة دون أن تكون ذات جاذبية وتتوفر على ما يلزم من مرافق خاصة نظيفة ومريحة.
وجدير بالذكر أن بلادنا قطعت أشواطا مهمة في اتجاه تعميم التمدرس بالعالم القروي، غير أنه من المؤسف أن لا يواكب ذلك المجهود الكبير ما يكفي من اهتمام بالبنيات التحتية في عديد القرى والأرياف النائية، التي من شانها تحفيز الأسر على إرسال أطفالها إلى “المدرسة”، حيث مازالت هناك الكثير من المجموعات المدرسية والفرعيات التابعة لها معزولة وتشكو من غياب وسائل النقل والتجهيزات الضرورية التي تأتي في مقدمتها المرافق الصحية أو المراحيض وعدم ربطها بشبكة الماء الصالح للشرب، مما يؤثر سلبا على مسار عملية التمدرس خصوصا بالنسبة للفتاة القروية.

لذلك ليس غريبا اليوم أن يتساءل مواطنون كثر عن جدوى وجود مدارس بدون مرافق صحية أو مراحيض ودورات المياه؟ إذ رغم ما بذل من جهود بما فيها تدخل بعض المحسنين وجمعيات المجتمع المدني، فإنها لم تستطع تجاوز الاختلالات القائمة وإيجاد حلول مناسبة لضعف التجهيز وغيره بالمدارس العمومية.
ولا تفوتنا بهذه المناسبة الإشارة إلى أنه سبق لمنظمة اليونسيف أن كشفت في أحد تقاريرها الصادمة برسم سنة 2018 عن افتقار ما لا يقل عن حوالي نصف مجموع المؤسسات التعليمية إلى المراحيض، مؤكدة على أن هذا المشكل العويص يمس بجودة وكرامة العيش، ويحرم المتعلمين من أحد أهم حقوقهم الأساسية. مما دفع بوزير التربية الوطنية السابق سعيد أمزازي خلال سنة 2019 إلى إطلاق عدة مشاريع لتعميم المراحيض على المؤسسات التعليمية غير المتوفرة عليها، خاصة في العالم القروي للحد من نسبة الهدر المدرسي، بيد أن الهدف المنشود لم يتحقق بعد وظل إلى اليوم بعيد المنال.
فانطلاقا مما سلف ذكره يتضح جليا أنها ليست المرة الأولى التي يأتي فيها مسؤول حكومي للكشف أمام البرلمان عن وجود مشكل كبير في العالم القروي يحول دون مواصلة عدد من الفتيات لدراستهن، حيث أنه وفضلا عما أشار إليه تقرير اليونسيف عن تردي أوضاع ما لا يقل عن ستة آلاف مؤسسة تعليمية وعدم توفرها على المرافق الصحية أو المراحيض اللازمة، هناك كذلك تقارير أخرى لعدة جمعيات ومنظمات وطنية ودولية من بينها المجلس الأعلى للتعليم، أجمعت كلها على ضرورة التعجيل ببناء مراحيض في المؤسسات غير المتوفرة عليها وإصلاح المعطلة منها وربطها بالمياه الصالحة للشرب، تفاديا لما من شأنه الانعكاس السلبي على الحياة المدرسية على مستوى نوعية التعلم، لأن غياب النظافة يضر بصحة التلاميذ ويجبر الكثيرين على الانقطاع المبكر عن الدراسة.
ثم علينا ألا ننسى أنه طالما حذر نشطاء الفضاء الأزرق عبر صفحات التواصل الاجتماعي من مغبة التمادي في التغاضي عن معضلة انعدام المراحيض بمدارس العالم القروي، أو تلك التي حتى إذا كانت تتوفر عليها، فهي إما جد قليلة أو متدهورة وغير صالحة للاستعمال من جراء الإهمال وعدم الصيانة والتنظيف أو غياب صنابير المياه، وما يترتب عن ذلك كله من آثار سلبية على مستقبل المتعلمين.

إذ صار من العار لجوء تلامذتنا من الجنسين إلى قضاء حاجتهم الطبيعية في العراء، واضطرار الكثير من الفتيات القرويات إلى التوقف عن استكمال دراستهن عند بلوغهن مستوى الخامس ابتدائي أو السادس على أبعد تقدير، باعتبارهن الأكثر تضررا وعرضة لمخاطر الاعتداء أو التحرش، خاصة في الوحدات المدرسية الموزعة عشوائيا على الدواوير البعيدة عن البيوت.
إن روح المواطنة الصادقة والحس العميق بالمسؤولية يستلزمان ليس فقط من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، الأخذ بعين الاعتبار تنبيه زميله نزار بركة وزير التجهيز والماء إلى غياب المراحيض في المؤسسات التعليمية بالعالم القروي، بل إن المعضلة تهم كذلك كافة المسؤولين والمتدخلين ممن لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالفضاء المدرسي، وتدعوهم بإلحاح إلى الانكباب العاجل على معالجة هذا المشكل المؤرق، لما ينجم عنه من آثار عميقة وذات كلفة باهظة…
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*