swiss replica watches
جدلية القراءة والكتابة – سياسي

جدلية القراءة والكتابة

جدلية القراءة والكتابة
عبد السلام المساوي
إذا كانت القراءة غذاء للعقل، فإن الكتابة علاج لاختلالات النفس والعقل معا.
التكامل الضروري بين القراءة والكتابة هو ما يضفي عليهما معا أهميتهما.
ليست القراءة مكتفية بذاتها، كما ليست الكتابة مكتفية بذاتها.
قراءة مفيدة أساس كل كتابة ترقى إلى مستوى العلاج .
القراءة، بالنسبة إلي، إنصات قبل كل شيء. أحاول أن أفك شفرة المكتوب، من خلال الإنصات إلى الكاتب أولا.
أحاوره على المستوى الذهني. أتساءل عن الهدف من طرح هذه الفكرة أو تلك. قد أتلقى الجواب، من الكتاب الذي أقرأه، وقد لا أتلقاه، لكن ما يستهويني، بالذات، هو قدرة الكاتب على تحفيز وتنشيط الذهنية التساؤلية لدي.
وعموما، لا أحب الكتابات التي علي أن أقول: آمين، عند الانتهاء منها، إذا صبرت على ذلك. لأن هذا يعني أنها خالية من أي قيمة مضافة، بالنسبة إلي على الأقل .
عندما أكتب للنشر أستحضر القاريء أساسًا، ليس لأكتب ما يعجبه، ويرضى عنه، بالضرورة، وإنما لأسطر ما يبدو لي أن مشاركة غيري فيه قد تنطوي على فائدة معنوية، ليس ممكنًا تحققها لو ظل ما أفكر فيه ببؤرة ذهني، حيث قد لا يعدو كونه، في البداية، خاطرة عابرة، تزول بزوال اللحظة التي داهمتني فيها.
الإمساك بالخاطرة وتحويلها إلى فكرة، هو الجسر الممكن بيني وبين القراء. وليس ليغير من هذا الأمر، إعجاب أو سخط ممكنان لدى القاريء؟ لأنهما معًا من طبيعة الأشياء، ما دمنا لسنا نسخا طبق أي أصل موهوم، ولا جدوى من السعي إلى تحويل الناس إلى نسخة واحدة مكرورة.
والحياة في هذه الحالة، لا يمكن أن تطاق.
كل كاتب يسعد لكونه مقروءا، سواء نال تأييد قرائه، أو ناله نصيب من النقد، بما في ذلك الصنف الذي يضع على عاتقه دحض أطروحاته وتفنيد براهينه، بما هو مضاد ومناقض لها، في مجال الكتابة الذي يتحرك ضمنه، سياسيًا كان، أو اقتصاديًا، أو فكريًا.
لذلك، لن تجد كاتبًا حقيقيًا لا يحتفي بالنقد الذي تثيره كتاباته، لدى المهتمين، كما لدى عموم القراء. سواء أعلن ذلك صراحةً أم أسر به إلى نفسه دون غيره من الناس.

وذلك لسبب بسيط، هو أن النقد، بما في ذلك صنفه المغرض أو المتحامل، يفتح أمام الكاتب قارات أخرى من التفكير، لم يكن قد انتبه إليها ربما، عند بلورة النص الأصلي.
وليس هناك أدنى شك في أن بصمة هذا النقد ستجد لنفسها طريقًا إلى النصوص الجديدة، التي يبلورها الكاتب في المستقبل.

وهذا ربما هو ما يميز بين الكاتب الحقيقي والمزيف، وهو، في كل الأحوال، ما يضمن التطور والتقدم للأول، ويشد الثاني إلى مواقع ليست تعرف إلى التطور والتقدم سبيلًا.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*