swiss replica watches
حزب العدالة والتنمية يتلقى الدرس الثاني – سياسي

حزب العدالة والتنمية يتلقى الدرس الثاني

حزب العدالة والتنمية يتلقى الدرس الثاني

د. حميد المرزوقي

مرت أكثر من سنة على الانتخابات الجماعية للثامن من شتنبر 2021 التي تلقى فيها حزب العدالة والتنمية درسا بليغا من صناديق الاقتراع، حيث اعتبر اتباعه ومناصريه قبل مناوئيه ومنافسيه النتيجة بمثابة انتكاسة كبيرة، والغريب في الأمر أنه بدل أن يقف قادة الحزب ومنظريه وقفة تأمل للقيام بتشخيص دقيق لأسباب الكبوة، تم احتواء الأمر بتغيير الأمانة العامة للحزب، عن طريق تنحية تياره المعتدل وإلباسه لباس المتسبب فيما وقع نظرا لتساهله في بعض القضايا التي كانت السبب في تذبذب مواقف فعالياته إلى حد تناقظها، وأهم نقطة خلافية كانت هي اتهام سعد الدين العثماني الذي كان يرأس الحكومة قبوله إعادة العلاقات الديبلوماسية بين المغرب وإسرائيل ضمن ما يعرف ب”اتفاقيات ابراهام” تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية على عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ظلت هذه النقطة تشكل وصمة عار على جبين الحزب في اعتقاد صقوره.
لذلك عندما سقط الحزب تلك السقطة المدوية في الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية ل8 شتنبر 2021 اتجهت أصابع اتهام هذه المكونات للأمانة العامة للحزب، وهو ما تم التفاعل معه بإجراء تغييرات على مستوى قيادة الحزب ورجوع عبد الإله بنكيران لقيادته من جديد لمحو آثار النكسة واسترجاع أمجاد الحزب، ولم يكلف هؤلاء أنفسهم البحث عن الأسباب الجوهرية التي قادت لتلك النتائج المخيبة للآمال بل اختزلوا كل شيء فيما أسموه التطبيع مع إسرائيل في الوقت الذي يعتبر ما وقع بشهادة المختصين ما هو إلا تحالف مع قوى دولية لخدمة مصالح المغرب وقضاياه العادلة وبالأخص قضية الوحدة الترابية المغربية وتحصين رجوع الصحراء المغربية من المخططات المشبوهة لأعداء وحدتنا الترابية.
والمحصلة بدل أن تنكب القيادة الجديدة للحزب بأمينها العام القديم الجديد السيد عبد الإله بنكيران على دراسة أداء الحزب خلال نسختين حكوميتين لاستجلاء الأسباب الحقيقية التي كانت وراء النتائج الهزيلة للاستحقاقات الانتخابية والتي اعتبرها بعض المتتبعين للشأن السياسي “تصويت عقابي” لبعض القرارات التي مست القدرة الشرائية للمواطنين كتحرير أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية وتراجع تدخلات صندوق المقاصة عن أداء دوره في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، ونهج سياسات غير شعبية في العديد من الملفات التي لها علاقة مباشرة بالمواطنين، بالإضافة للتراجع عن سياسة القرب التي كانت تنتهجها مختلف تنظيمات حزب العدالة والتنمية في الأحياء السكنية كالوداديات وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والاداريات العمومية والمؤسسات الصناعية والتي كانت تشكل القوة الضاربة للحزب التي جعلته يكتسح الانتخابات والساحة السياسية المغربية خلال العقد الثاني للألفية الثالثة.
اختزال ما وقع في تعليلات سطحية وعدم استعاب درس صناديق الاقتراع جعل أمينها العام الذي لبس جبة منقذ الحزب يسقط في “الدرس الثاني” إذ رغم أنه قاد العمل الحكومي لولايتين، بحيث كان من المفروض أن يستفيد من تراكم التجارب والخبرات والاحتكاك بثوابت العمل الديبلوماسي بشكل يقيه من السقوط في تجاوز الخطوط الحمراء الفاصلة بين العمل الحكومي وعمل رئيس الدولة الذي هو جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي يقود بحكمة وبعد نظر واستراتيجيات بعيدة المدى لخدمة المصالح الحيوية للمغرب الاقتصادية والسياسية الدولية في ظل مجتمع دولي تتجاذبه الأزمات والحروب والتفاعلات التي تحتم عليه اختيار تحالفاته ونسج شراكاته بواقعية وبراكماتية بعيدا عن الحسابات الضيقة والأساليب المبتدلة التي عفى عنها الزمن لدغدغة مشاعر المواطنين بقفشات وشطحات يتم فيها الخلط بين المتغيرات والثوابث، بين ماهو استراتيجي مع ما هو ظرفي ومرحلي مما سيفوت لا محالةالفرصة على السيد عبد الإله بنكيران من استكشاف الأسباب الحقيقية التي كانت وراء تراجع نتائج حزبه وانكماش حجمه في المشهد السياسي المغربي بسبب المغالطات التي يتشبثون بها.
د. حميد المرزوقي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*